Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 80-82)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم قال تعالى : { وَحَآجَّهُ قَوْمُهُ } [ الأنعام : 80 ] ؛ أي : جادلوه ليسبلوا ستر ذيولهم على شموس عرفانه . { قَالَ أَتُحَٰجُّوۤنِّي فِي ٱللَّهِ } [ الأنعام : 80 ] ؛ أي : في معرفته يعني أترومون ستر الشموس بإسبال أكمامكم عليها ؟ أو تريدون أن تسبلوا ذيولكم على ضياء نهار الشهود ؟ { وَقَدْ هَدَانِ } [ الأنعام : 80 ] ، ربي إليه بالعيان وتوالى البرهان كما كان في مرامي إذ قلت { إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ } [ الصافات : 99 ] ، { وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ } [ الأنعام : 80 ] ، بعد ما ترى على سلطان الحق ولاح برهان الصدق { إِلاَّ أَن يَشَآءَ رَبِّي شَيْئاً } [ الأنعام : 80 ] ، من الخذلان بعد العرفان وهذا مستحيل ؛ لأنه { وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً } [ الأنعام : 80 ] ؛ أي : هو أعم بمن هو أهل الخذلان وبمن هو أهل العرفان { أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ } [ الأنعام : 80 ] ، فترجعون من طريق الخذلان إلى طريق العرفان . ثم أخبر عمن هو أحق بالخوف ، ومن هو أحق بالأمن بقوله تعالى : { وَكَيْفَ أَخَافُ مَآ أَشْرَكْتُمْ } [ الأنعام : 81 ] ، الآيتان الإشارة فيهما أن من أمارات موت القلب وفساد الروحانية واستيلاء النفس عليه لخوف الحيواني حتى يخاف من الجمادات كالأنعام لا يخاف من الله وعذابه ، كما كان حال الكفار يخوفون إبراهيم عليه السلام عن الأصنام ولا يخافون الله وعذابه ، حتى قال إبراهيم عليه السلام : { وَكَيْفَ أَخَافُ مَآ أَشْرَكْتُمْ } [ الأنعام : 81 ] من جماد { وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِٱللَّهِ } [ الأنعام : 81 ] ، جماداً { مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَٰناً } [ الأنعام : 81 ] ، من الله يعني وكيف أخاف الجماد ، وقد نزل علي من الله سلطان بإرائة ملكوت الأشياء والآيات المودعة فيها ، وإن كلا ليس إلهاً إلا الله وهو الذي يهاب ويرجى وأنتم لا تخافون وتشركون به جمادات لا سلطان لها ويخافونها { فَأَيُّ ٱلْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِٱلأَمْنِ } [ الأنعام : 81 ] ، الذي يخافون الله يرجونه أم الذين لا يخافون الله ولا يرجونه ويخافون ويرجون غيره { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } [ الأنعام : 81 ] ، الحق من الباطل فلما لم يعلموا وكانوا موتى لا يسمعون الحق ولا يجيبون بالحق أجابهم وقال تعالى : { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُوۤاْ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ } [ الأنعام : 82 ] ، أي كانوا مؤمنين إذ رآهم الله تعالى من شواهد الحق عند تجلي صفات ربوبيته في مرآة الكواكب ، ولم يلبسوا إيمانهم بشرك الالتفات إلى غيره من الأكوان والكواكب ، وقد صح توجههم لخالقها بحيث قالوا لجبريل عليه السلام : " أما إليك فلا " { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱلأَمْنُ } [ الأنعام : 82 ] ، عن الانقطاع بعد الوصول { وَهُمْ مُّهْتَدُونَ } [ الأنعام : 82 ] ، إلى الوصال .