Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 64, Ayat: 15-18)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ } [ التغابن : 15 ] ، يعني : استعداداتكم السفلية والعلوية ، والأعمال المتولدة من اختياراتكم الوهبية { فِتْنَةٌ } [ التغابن : 15 ] ، [ أي ] شغل عن الحق وذكره ، بها يقع الشخص في الشهوات العاجلة الهوائية ، وبها يقع في العجب والغرور والإباء والاستكبار ، { وَٱللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } [ التغابن : 15 ] ، لمن لا يكسب باستعداده الاختيار لهوى نفسه ما لا يرضى به ربه ؛ ولكن لا يلتفت إلى قواه القالبية والنفسية وقت الهجرة والجهاد ، ولا يغتر بهجرته وجهاده عند الله { أَجْرٌ عَظِيمٌ } مقيم في دار النعيم . { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسْتَطَعْتُمْ } [ التغابن : 16 ] ، يعني : أيتها القوى الروحانية المؤمنة اتقوا الله من الالتفات إلى أزواج قوى قالبكم ، وأولاد قوى أنفسكم وأموال استعدادكم { مَا ٱسْتَطَعْتُمْ } يعني : بقدر ما أعطيناكم القوة الاختيارية { وَٱسْمَعُواْ } [ التغابن : 16 ] ، أمر الوارد { وَأَطِيعُواْ } [ التغابن : 16 ] ، حكم اللطيفة المبلغة { وَأَنْفِقُواْ } [ التغابن : 16 ] ، من المعارف { خَيْراً لأَنفُسِكُمْ } [ التغابن : 16 ] ، ليكون لكم مدخراً في دار إقامتكم ، يعني : ينبغي أن ينصح السالك بالمعارف التي أعطاها الله لقواه ، وأن يعطي حقوقها على وفق أمر الحق من العلويات والسفليات { وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } [ التغابن : 16 ] ، يعني : ينبغي أن يعطي حقوقهم ، ونفسه مائلة إلى ذلك الحق ؛ ليكون شاقاً على نفسه ، وبه يحصل التزكية [ لنفسه ] عن البخل ، ومن يعط حق الله القوي ونفسه شحيح صحيح فهو من المفلحين . { إِن تُقْرِضُواْ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ } [ التغابن : 17 ] ، يعني : أن يعط القوى القالبية والنفسية من المعارف القلبية ؛ ليهتدوا بها يضاعف الله تلك المعارف لكم { وَيَغْفِرْ لَكُمْ } [ التغابن : 17 ] ، إن كنتم بخلتم بها قبل ذلك عن مستحقها ، { وَٱللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ } [ التغابن : 17 ] ، يعني : حلم عنكم فلم يعاقبكم بما سلف ، وشكر لكم على ما أعطيتموه بعد ذلك . { عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } [ التغابن : 18 ] ، يعني : يعلم ما في القوى الغيبية من الأوصاف الجيدة والردية ، وما على الجوارح من الأعمال الفاسدة والصالحة ، غالب على أمره إن شاء يعاقب بها وإن شاء يعفو عنها ، حكيم بالعفو والعقوبة ، إن يعفو فحكمته ، وإن يعذب فبحكمته ، فحظ السالك من تفسير بطن هذه الآيات أن لا يبخل عن المريد بأموال الظاهر والمعارف الباطنة بقدر استحقاق المريدين واحتياجهم إليها ، وحظ السالك أن يعطي لكل ذي حق من قواها حقها على وفق أمر المولى من الحقوق العلوية والحظوظ السفلية . اللهم اجعلنا من أهل السخاوة والجود لوجهك الكريم بحق محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً .