Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 68, Ayat: 1-15)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يا صائد نون النبوة في قعر بحر النون بشبكة القالب ، لتشويشه في تنور [ الناقور ] بنار الذكر المروية قلب الذاكر من ملاطفات المذكور ، تفكر فيما يقول الله تعالى في كتابه حيث يقول : { نۤ وَٱلْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ } [ القلم : 1 ] ؛ يعني : بحق النور الذي أودعنا في نون النبوة القائمة بواو الولاية ، الثابتة بألف الألوهية ، المتصلة بوجود سواده وبياضه في دائرة الأزل إلى الأبد ، وهو نور المداد الذي خلقه الله تعالى في دواة روح النون ؛ ليكتب بقلم قدرته على لوح العقل ما كان في علمه القديم ، وأشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال : " أول ما خلق الله تعالى في مقام المرادية نوري ، وأول ما خلق الله تعالى روحي في مقام الدواتية ، وأول ما خلق الله تعالى القلم في مقام الفاعلية ، وأول ما خلق الله العقل في مقام القابلية " وظلالها في عالم السفل العناصر الأربعة ؛ فالنار ظل العالم الخفي ، والهوى ظل دواة الروح ، والماء ظل مراد السر ، والتراب ظل لوح القلم ؛ يعني : أقسم بنور النبوة . { وَٱلْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ * مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ } [ القلم : 1 - 2 ] جواب القسم ؛ يعني : لست أيتها اللطيفة الخفية المبلغة المذكرة بالنعمة التي أنعمنا في حقك ، وهم الوارد القدسي بمجنون فيما تأمر القوى به وتنهاهم عنه ، وتتلو عليهم من الآيات البينات مما يرد عليك من الحق ، فلا تبال مما تقول القوى المكذبة الحاسدة ، { وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ } [ القلم : 3 ] ؛ يعني : في إبلاغ الوالد ، والصبر على أذى القوى المكذبة لأجراً غير منقطع أبد الآباد ، { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } [ القلم : 4 ] ؛ يعني : حصلت الأخلاق منا وتأدبت بآدابنا ، حيث سمعت منا ما قلنا معك في كتابنا ، ولا تكن { فَظّاً غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ } [ آل عمران : 159 ] ، وقولنا : { فَٱعْفُ عَنْهُمْ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ } [ آل عمران : 159 ] ، وقولنا : { خُذِ ٱلْعَفْوَ وَأْمُرْ بِٱلْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْجَاهِلِينَ } [ الأعراف : 199 ] ؛ يعني : لا تشتغل بمكافآتهم . { فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ } [ القلم : 5 ] ؛ يعني : ستري أيتها اللطيفة وقت كشف الغطاء ، وتبصري أيضاً القوى المكذبة ، { بِأَييِّكُمُ ٱلْمَفْتُونُ } [ القلم : 6 ] ؛ يعني : بأيكم المفتون الذي فتن به { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ } [ القلم : 7 ] ؛ يعني : هو أعطاهم الاستعدادات المتصلة والمهدية ، { فَلاَ تُطِعِ ٱلْمُكَذِّبِينَ } [ القلم : 8 ] ؛ يعني : لا تطع القوى النفسية المكذبة إذا تملقت معك بالمداهنة ، { وَدُّواْ لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ } [ القلم : 9 ] يتمنون أنك تداهنهم كما هم يداهنوك ، وتشتغل أيضاً بأباطيلهم والاستيفاء من الحظوظ النفسانية ، وترافقهم وتلين لهم ولا تؤمهم بترك مشتهيات أنفسهم ؛ [ ليثبوا لك ] في المرافقة معك في طلب الحظوظ ، لهم أنفسهم . { وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ } [ القلم : 10 ] ؛ يعني : القوى الحالفة بالله كذباً لتميل خاطرك اللطيفة المذكرة إليها ، { مَّهِينٍ } [ القلم : 10 ] ذليل عند الله ، { هَمَّازٍ } [ القلم : 11 ] ؛ أي : مغتاب ، وهي القوة النفسية تغتاب عند اللطيفة قوى القالبية ، وتغتاب عند القوى المكذبة القالبية اللطيفة ، { مَّشَّآءٍ بِنَمِيمٍ } [ القلم : 11 ] ، وهي أيضاً للقوة النفسية القريبة إلى عالم الصدر ، تمشي بنميمة من عالم القلب عند طلب حظها من القوى الفاعلية العلوية ، ثم يرجع إلى القوى القابلة القالبية السفلية لطلب حظها من عالم القلب ، وتتم اللطيفة المبلغة وأقواها المتابعة لها ، { مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ } [ القلم : 12 ] ؛ يعني : يمنع الوارد القدسي في الطريق لئلا يصل إلى القوى القالبية ويكدره في عالمه ؛ لأن عالم النفس عاجز بين عالم الصدر وعالم القلب ، { مُعْتَدٍ } [ القلم : 12 ] ؛ أي : ظالم على القوى القابلة ، يمنع الوارد وغلظه بالخواطر المكدرة النفسية ، { أَثِيمٍ } [ القلم : 12 ] ؛ أي : كثير الإثم ، فاجر في فعله يمنع الخير عن غيره ، { عُتُلٍّ } [ القلم : 13 ] غليظ الوصف ، قبيح الخلق ، يدفع بالعنف الوارد لئلا يصل إلى القلب ، { بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ } [ القلم : 13 ] ؛ يعني : بعدما وصفناها من الأخلاق الذميمة والأخلاق الكريمة ، زنيمة ؛ يعني : تنسب نفسها إلى العالم العلوي وليست في ذلك العالم بشيء ؛ لأن هذه القوة المنتجة من الهوى لا من الروح . { أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ } [ القلم : 14 ] لا يغرنك بأن كان له استعداد ومعارف هي نتيجة طبعها المكدرة الهودية ، بأن لها نسبة إلى الروح { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } [ القلم : 15 ] ؛ يعني : إن كانت لها نسبة إلى الروح وما كانت زنيمة ولها حظ من المعارف ، ما قالت : { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا } [ القلم : 15 ] الأنفسية أنها { أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } [ القلم : 15 ] ؛ وعرفت حقيقة الوارد النازل من حضرة رب العالمين .