Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 68, Ayat: 16-29)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ سَنَسِمُهُ عَلَى ٱلْخُرْطُومِ } [ القلم : 16 ] ؛ يعني : سوف يجعل في نفسها وسم سواد فساد اعتقادها ؛ لتعرف به بين القوى ، لئلا يفتروا بنميمتها ونفاقها ومداهنتها ، { إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَآ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ } [ القلم : 17 ] ؛ يعني : اختبرناهم كما اختبرنا القوى السالكة المجاهدة على وفق هوى أنفسكم من غير الاقتداء ، فتظهر لهم جنة المعرفة النفسانية أعمالهم فاستبشروا بها وظنوا أنهم { لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ } [ القلم : 17 ] ويتنعمون بها أبد الآباد ، { إِذْ أَقْسَمُواْ } [ القلم : 17 ] ؛ أي : حلفوا { لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ } [ القلم : 17 ] ليقطعن ثمر المعرفة ، { وَلاَ يَسْتَثْنُونَ } [ القلم : 18 ] ؛ يعني : كانوا غافلين عن ذكر الله وأن الأمر بمشيئة الله ، معتقدين بأنفسهم غير مقلدين لأهل الحق ؟ { فَطَافَ عَلَيْهَا طَآئِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَآئِمُونَ } [ القلم : 19 ] ؛ يعني : نار الغيرة من الله طافت على جنتهم ، { وَهُمْ نَآئِمُونَ } [ القلم : 19 ] ؛ يعني : غافلون عن ذكر الله تعالى ، { فَأَصْبَحَتْ } [ القلم : 20 ] فجعلت جنتها { كَٱلصَّرِيمِ } [ القلم : 20 ] ؛ يعني : كالليل المظلم ، { فَتَنَادَوْاْ مُصْبِحِينَ * أَنِ ٱغْدُواْ عَلَىٰ حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ } [ القلم : 21 - 22 ] ، فتنادت القوى بعضهم بعضاً في صبح طلع من أفق الصدر أن اغدوا على جنة معارفكم وحرث أعمالكم ؛ لتقطعوا وتدخروا بها ، { فَٱنطَلَقُواْ } [ القلم : 23 ] ؛ أي : انطلقت القوى { وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ } [ القلم : 23 ] ؛ أي : يتشاورون { أَن لاَّ يَدْخُلَنَّهَا ٱلْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِّسْكِينٌ } [ القلم : 24 ] ؛ يعني : لا تأذنوا للخواطر المسكينة لئلا يشوِّشهم ؛ لأن هذا الخاطر يقول معهم : إن جنة معارفكم ليست بشيء ، وحاصلها مثل { كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ ٱلظَّمْآنُ مَآءً } [ النور : 39 ] . { وَغَدَوْاْ عَلَىٰ حَرْدٍ قَادِرِينَ } [ القلم : 25 ] ؛ يعني : [ تحركوا ] على قصد أنهم قادرون على حرثهم ، { فَلَمَّا رَأَوْهَا } [ القلم : 26 ] ؛ يعني : جنة معارفهم وحرث أعمالهم ، { قَالُوۤاْ إِنَّا لَضَآلُّونَ } [ القلم : 26 ] ؛ يعني : إنا لمخطئون الطريق ، وهذا مقام إذا وصل إليه السالك ويظن أن أعماله كانت أعمال بدعية هوائية غير مستنة بسنة مقتداه ، فشاهد موضع حرثه { كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِٱلأَمْسِ } [ يونس : 24 ] ، يقول : في نفسه أخطأت الطريق ، ليس هذا موضع حرثي ، ولا يعلم أنه أخطأ الطريق وقت الزرع ؛ فلأجل هذا حرم وقت الحصاد ، من ثمرة عمله وزرعه فالواجب على السالك أن يقتدي بمقتداه في جميع أعماله وأقواله ، وحركاته وسكناته ، لئلا يحرم وقت الحصاد من زرعه ، ولا [ يتأسف ] على ضياع عمله وفوات استعداده ، ومضي زمان زرعه ، يقولون : ما نحن بضالين ومخطئين الطريق ، { بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } [ القلم : 27 ] عن نفع زرعنا ؛ لتركنا الاقتداء وغفلتنا عن الذكر في الاستثناء ، وقصدنا على أن يدخل علينا خاطر السكينة ، { قَالَ أَوْسَطُهُمْ } [ القلم : 28 ] ؛ يعني : أعلمهم وأخبرهم وأعدلهم من القوة المكدرة ، لهم : { أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ } [ القلم : 28 ] ؛ أ ي : هلاَّ تذكرون فتغفلون عن ذكر الرب ، { وَلاَ يَسْتَثْنُونَ } [ القلم : 18 ] ، { قَالُواْ سُبْحَانَ رَبِّنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } [ القلم : 29 ] ؛ يعني : منزه ربنا عن أن يظلم علينا ، بل كنا ظلمنا أنفسنا بغفلتنا عن ذكر ربنا .