Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 132-137)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ } [ الأعراف : 132 ] فلمَّا رأوا الآيات بعين الجهالة والضلالة رأوها سحراً ، وجعلوا الإصرار على الإنكار شعارهم ، وهتكوا بألسنتهم في العتو أستارهم ، { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلطُّوفَانَ وَٱلْجَرَادَ وَٱلْقُمَّلَ وَٱلضَّفَادِعَ وَٱلدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ } [ الأعراف : 133 ] فلمَّا توغلوا في فنون المخالفات صب عليهم أنواع العقوبات ، فلا في التكفير رغبوا ولا إلى التطهير قصدوا . { فَٱسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ } [ الأعراف : 133 ] في أصل الخلقة ، فكانت عقوباتهم بصرف قلوبهم عن شهود الآيات والحقائق أبلغ مما اتصل بظواهرهم من فنون البلايا ونعوذ بالله من مكامن المكر ، { وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ ٱلرِّجْزُ } [ الأعراف : 134 ] وهو الغضب من الله ، { قَالُواْ يٰمُوسَىٰ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ } [ الأعراف : 134 ] ولم يقولوا : ربنا إذ لم يهتدوا إلى ربوبيته ، وما ازدادوا بزيادة تلك المحن إلا بُعداً وأجنبية ، { بِمَا عَهِدَ عِندَكَ } [ الأعراف : 134 ] بأن تدعوه ويجيب لك من فضله ، { لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا ٱلرِّجْزَ } [ الأعراف : 134 ] ؛ يعني : لو انكشف عنا حجاب الغضب والسخط ، { لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ } [ الأعراف : 134 ] { فَلَماَّ كَشَفْنَا عَنْهُمُ ٱلرِّجْزَ } [ الأعراف : 135 ] ، يعني : صورة الغضب والسخط وهو العذاب ، { إِلَىٰ أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ } [ الأعراف : 135 ] فلمَّا رفع عنهم صورة الرجز آمنوا بالصورة لا بالحقيقة ، فلمَّا بلغوا أجل المشيئة في إغراقهم نقضوا ما عاهدوا عليه ، { فَٱنْتَقَمْنَا مِنْهُمْ } [ الأعراف : 136 ] قهراً وغضباً ، { فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } [ الأعراف : 136 ] بأنهم كذبوا بآياتنا في الظاهر وفي الحقيقة ، فتكذيبهم من نتائج الغضب الحقيقي ، { وَكَانُواْ عَنْهَا } [ الأعراف : 136 ] ؛ يعني : من حقائق أحكامنا ، { غَافِلِينَ } [ الأعراف : 136 ] فما نفعهم العهد مع المشيئة القديمة ، ولا خلفهم العقل مع الإرادة الأزلية . ثم أخبر عن نتائج العناية لأهل السعادة بقوله تعالى : { وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ ٱلأَرْضِ } [ الأعراف : 137 ] ، الإشارة فيها : أن العزيز من أعزه الله ، والذليل من أذله الله ، ومن صبر على مقاساة الذل في الله توجه الله بتاج العزة ، ويورثه عزة مذليه ومستضعفيه ، كما قال تعالى : { وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ } ؛ أي : يطلبون مذلتهم وهوانهم { مَشَارِقَ ٱلأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا } [ الأعراف : 137 ] بإخراجها من أيدي الكفار والظلمة والفسقة وايراثها المؤمنين الموحدين الصالحين ، { وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ ٱلْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ } [ الأعراف : 137 ] ؛ يعني : بالكلمة الحسنى ما قدر لهم في الأزل ، قال فيهم : هؤلاء في الجنة ولا أبالي ، وقوله : خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون ، فإنه قدر لهم من السعادة بما صبرهم على الشدائد في الدين كقوله تعالى : { بِمَا صَبَرُواْ } [ الأعراف : 137 ] والصبر من أعمال أهل الجنة ، قال تعالى : { وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُواْ جَنَّةً وَحَرِيراً } [ الإنسان : 12 ] ، { وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ } [ الأعراف : 137 ] ؛ يعني : ببني إسرائيل من الإذلال والإهانة ، { وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ } [ الأعراف : 137 ] ؛ أي : يرفعون بالتكبر والتحيز لأنفسهم ، والتعريش : الارتفاع ، يقال : عرش الطائر إذا ارتفع بجناحيه على ما تحته .