Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 198-203)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى ٱلْهُدَىٰ } [ الأعراف : 198 ] ؛ يعني : النفوس المتمردة وأهلها ، { لاَ يَسْمَعُواْ } [ الأعراف : 198 ] بأذان القلوب وسمع القلوب ؛ لأنهم { صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ } [ البقرة : 18 ] ، { وَتَرَٰهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ } [ الأعراف : 198 ] إليك بالخواص الظاهرة ، { وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ } [ الأعراف : 198 ] بنور البصيرة أنوار نبوتك ورسالتك وما أعطاك الله من الفضل العظيم والمقام الكريم . { خُذِ ٱلْعَفْوَ } [ الأعراف : 199 ] ؛ أي : تخلق بخلق الله ، فإن العفو من أخلاقه تبارك وتعالى ، { وَأْمُرْ بِٱلْعُرْفِ } [ الأعراف : 199 ] ؛ أي : بالمعروف وهو : طلب الحق تعالى لا في معروف العارفين ، { وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْجَاهِلِينَ } [ الأعراف : 199 ] عن كل ما يدعوهم إلى غير الله وعمن يطلب ما سوى الله ، فإن الجاهل هو الذي لا يعرف الله ولا يطلبه ، والعالم يعرف الله ويطلبه ، { وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَٰنِ نَزْغٌ } [ الأعراف : 200 ] في طلب غير الله تعالى ، { فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ } [ الأعراف : 200 ] من غير الله بأن تفر إلى الله وتترك ما سواه ، { إِنَّهُ سَمِيعٌ } [ الأعراف : 200 ] يسمع القبول والإجابة لما تدعوه إليه ، { عَلِيمٌ } [ الأعراف : 200 ] ؛ أي : ينفعك وما يضرك فيسمع بما لا ينفعك ولا ما يضرك . ثم أخبر عن أحوال الأتقياء والأشقياء بقوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ ٱلشَّيْطَانِ } [ الأعراف : 201 ] إلى قوله : { لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [ الأعراف : 203 ] الإشارة فيها : أن الذين اتقوا هم : أرباب القلوب ، والتقوى من شأن القلب ، كما قال صلى الله عليه وسلم : " التقوى هنا " أشار إلى صدره والتقوى نور يبصرون به الحق حقاً والباطل باطلاً ، لهذا قال تعالى : { إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ ٱلشَّيْطَانِ } ؛ أي : إذا مس طائف خيال القلب النقي نوع طيف من عمل الشيطان يراه القلب بنور التقوى ويعرفه ، فيتذكر أنه يفسده ويكدر صفاءه ويقسيه فيجتنبه ويحترز منه فذلك قوله تعالى : { تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ } [ الأعراف : 201 ] . { وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي ٱلْغَيِّ } [ الأعراف : 202 ] ؛ يعني : النفوس إخوان القلوب ، فإن النفس والقلب توأمان ولدا من ازدواج الروح والقالب يمد النفس في الطاعة ، ولولا ذلك ما صدرت من النفس طاعة ؛ لأنه جبلت على الأمارية بالسوء ، والنفس تمد القلب في الغواية والضلالة ، ولولا ذلك لما صدر من القلب معصية ؛ لأنه جبلت على الاطمئنان بذكر الله تعالى وطاعته ، { ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ } [ الأعراف : 202 ] لا يسأم كل واحد من فضلها ولا يدع ما جبل عليه ؛ لئلا يأمن أرباب القلوب من كيد النفوس ، ولا يقنط أرباب النفوس المسرفين على أنفسهم من رحمة الله في إصلاح أحوال قلوبهم ، { وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ } [ الأعراف : 203 ] ؛ يعني : لم تأت القلوب بآية من الله ؛ لتعجز النفوس عن تكذيبه ، { قَالُواْ } [ الأعراف : 203 ] ؛ يعني : النفوس للقلب ، { لَوْلاَ ٱجْتَبَيْتَهَا } [ الأعراف : 203 ] هلا أخلقتها من خاصية قلبيك لتزكية النفوس ، { قُلْ إِنَّمَآ أَتَّبِعُ مَا يِوحَىٰ إِلَيَّ مِن رَّبِّي } [ الأعراف : 203 ] ؛ يعني : إنما أتبع إلهام الحق تعالى فلا أقدر على تزكية النفوس إلا بقوة الإلهام الرباني ، { هَـٰذَا بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ } [ الأعراف : 203 ] ؛ يعني : هذا الإلهام وقوته واردات ربانية ترد على القلوب فتعجز النفوس عن تكذيبها فيها تتقوى القلوب على تزكية النفوس ، وذلك { وَهُدًى } [ الأعراف : 203 ] من الله تعالى ، { وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [ الأعراف : 203 ] يصدقون أن القلب مهبط واردات الحق ومهبط أنوار أسراره .