Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 73-77)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم أخبر عن ثمود أنهم كانوا مثل قوم هود بقوله تعالى : { وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً } [ الأعراف : 73 ] ، الإشارة فيها : أن الله تعالى غاير بين الرسل من حيث الشرائع ، وجمع بينهم في التوحيد ، فقال : { وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً } ، { قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ } [ الأعراف : 73 ] أمرهم بالعبودية ، وأخبرهم عن الوحدانية في الألوهية والشرائع التي هي عبادات مختلفة ، والكل مأمورون بالتوحيد على نسق واحد من أجزاء سنة الله تعالى إرسال الرسل وإنزال الكتب وإظهار المعجزات كما قال : { قَدْ جَآءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَـٰذِهِ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمْ آيَةً } [ الأعراف : 73 ] على نسق ، فالمعجزة للعوام : أن يخرج لهم من حجارة الصخرة ناقة عثراء ، والمعجزة للخواص : أن يخرج من حجارة القلب ناقة السر عثراء بشعب سر السر وهي الخفي ، وناقة الله تعالى التي تحمل أمانة معرفته وتعطي ساكني بلد القلب من القوى الحواس لبن الواردات الإلهية . { فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِيۤ أَرْضِ ٱللَّهِ } [ الأعراف : 73 ] ؛ أي : ترتع في رياض القدس ، وتشرب من حياض الأنس ، { وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ } [ الأعراف : 73 ] مخالفات الشريعة ومعارضات الطريقة ، { فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [ الأعراف : 73 ] بالانقطاع عن مواصلات الحقيقة ، { وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِن بَعْدِ عَادٍ } [ الأعراف : 74 ] ؛ يعني : من بعد هلاك عاد جعلكم خلفاء ؛ لتستعيدوا حقيقة الخلافة ما لم يستعد به عاد وقوم نوح ، { وَبَوَّأَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ } [ الأعراف : 74 ] أرض القلوب ، { تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً } [ الأعراف : 74 ] سهولها الصدور والقصور هي المعاملات بالصدق والإخلاص وهي تبني القصور في الجنان ، { وَتَنْحِتُونَ ٱلْجِبَالَ بُيُوتاً } [ الأعراف : 74 ] ؛ هي جبال أطوار القلب ، والبيوت مقام السائرين إلى الله فيها . { فَٱذْكُرُوۤاْ آلآءَ ٱللَّهِ } [ الأعراف : 74 ] النعماء عامها وخاصها ، فهذا يتضمن ترويح الظاهر ، والثاني يتضمن التلويح في السرائر ، والترويح بوجود المسار ، والتلويح بشهود الأسرار ، { وَلاَ تَعْثَوْا فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ } [ الأعراف : 74 ] بإفساد الاستعداد الفطري ، { قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ } [ الأعراف : 75 ] وهو الأوصاف البشرية والأخلاق الذميمة ، { لِلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ } [ الأعراف : 75 ] من أوصاف القلب والروح ، { أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ } [ الأعراف : 75 ] أي : صالح الروح مرسل بنفخة الحق تعالى إلى بلد القلب وساكنيه ؛ ليدعوهم من الأوصاف الرذية السفلية الظلمانية الحيوانية إلى الأخلاق الحميدة فالعلوية النورانية الروحانية ، { قَالُوۤاْ } [ الأعراف : 75 ] ؛ يعني : الأوصاف القلبية . { إِنَّا بِمَآ أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ } [ الأعراف : 75 ] ؛ أي : متبعون مشفقون ، { قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوۤاْ } [ الأعراف : 76 ] من النفس وأوصافها ، { إِنَّا بِٱلَّذِيۤ آمَنتُمْ بِهِ } [ الأعراف : 76 ] أيتها الأوصاف القلبية ، { كَافِرُونَ } [ الأعراف : 76 ] جاحدون منكرون ، { فَعَقَرُواْ ٱلنَّاقَةَ } [ الأعراف : 77 ] ؛ يعني : النفس وصفاتها ، عقروا سر القلب بسكاكين مخالفات الحق والاستكبار ، { وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ } [ الأعراف : 77 ] من التوحيد والمعرفة ، { وَقَالُواْ يَاصَالِحُ ٱئْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } [ الأعراف : 77 ] وهذا من صفات النفس الأمارة بالسوء وهواها إن لم يؤثر فيها النصح ، وتجترئ على الله ؛ لا الدليل تأملته ، ولا السبيل لازمته ، ولا النعمة عرفت قدرها ، ولا المنة قدَّمت بشكرها .