Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 65-72)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أخبر عن قوم هود عليه السلام بقوله تعالى : { وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً } [ الأعراف : 65 ] ، القصة الإشارة فيها : أن في قوله تعالى : { وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً } إلى قوله : { ٱلْكَاذِبِينَ } [ الأعراف : 66 ] ، إشارة إلى أن قلوب قوم هود أيضاً نسخة خبيثة كما كانت لقوم نوح لم يخرج منها الأنكد ، فلما أراد هود عليه السلام أن يبذر فيها بذر التوحيد والمعرفة لم تكن صالحة ، فما خرج منها إلا نبت التشقية والتكذيب سلكوا طريق سلفهم وإخوانهم وسنوا بمثل حالهم ، { قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } [ الأعراف : 65 ] . قال : { قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ * قَالَ يَٰقَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ } [ الأعراف : 66 - 67 ] ؛ أي : بكم السفاهة ، { وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ } [ الأعراف : 67 ] وأنتم مكذبي لسفاهتكم ، { أُبَلِّغُكُمْ رِسَٰلٰتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ } [ الأعراف : 68 ] فيما أدعوكم إلى الله ، وإن من أسقطته القسمة لم تنفعه النصيحة ، { أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَآءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنْكُمْ لِيُنذِرَكُمْ } [ الأعراف : 69 ] ؛ أي : يوقظكم من نوم الغفلة ، ويخبر عن يوم الحسرة من قوت الدولة ، فمن فرط الجهالة وغاية العنادة عجبوا من كون رجل سأل سؤلاً ، ولم يتعجبوا من كونهم جعلوا الصنم شريكاً له ! ! { وَٱذكُرُوۤاْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ } [ الأعراف : 69 ] جعل الله الخلق بعضهم خلفاً عن بعض ، وجعل الكل خلفاء في الأرض ولا يفني جنساً منهم إلا أقام فوجاً منهم في ذلك الجنس ، فأهل الغفلة إذا انقرضوا خلف عنهم قوماً ، وأهل الوصلة إذا انقرضوا خلف عنهم قوماً ، { وَزَادَكُمْ فِي ٱلْخَلْقِ بَصْطَةً } [ الأعراف : 69 ] كما زاد قوماً على من تقدمهم في بسطة الخلق ، وكما وقع التفاوت بين شخص وشخص فيما يعود إلى المعاني أوقع التفاوت بين قوم وقوم فيما يرجع إلى المعاني . { فَٱذْكُرُوۤاْ ءَالآءَ ٱللَّهِ } [ الأعراف : 69 ] ؛ أي : إذا لم تستحقوا لذكر الله فاذكروا نعمة الله عليكم ، { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ الأعراف : 69 ] بذكر الله على الحقيقة ، فلما لم يعرفوا قدر نعم الله ، { قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ ٱللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا } [ الأعراف : 70 ] جعلوا الآلهة من فرط جهالتهم وغاية ضلالتهم عدلاً لله وشريكاً له . ثم قالوا من عكوفهم على التفرقة : { فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } [ الأعراف : 70 ] فشتان بين من لا يخرج من عنق التفرقة ، ومن لا يجد لحظة عن ستر التوحيد فلا يعبد إلا واحداً ، وكما لا يعبد إلا واحداً لا يشهد إلا واحداً ، كما قال قائلهم : لا يهتدي قلبي إلى غيركم ؛ لأنه سد عليه الطريق ، قال : يعني هود في جوابهم ، { قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ } [ الأعراف : 71 ] ؛ أي : مقالتكم تدل على حالتكم أنه أحيا بكم سطوات غضب الله وسخطه ، فإن من علامات الغضب : الإعراض ، ومن إمارات الإعراض والبعد إلى شهود الأغيار وتفريقه إياه في بحار الظنون ؛ إذ لا تحصل للأغيار في معنى الإثبات ، { مَّا نَزَّلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ } [ الأعراف : 71 ] . { أَتُجَٰدِلُونَنِي فِيۤ أَسْمَآءٍ سَمَّيْتُمُوهَآ } [ الأعراف : 71 ] الآلهة ، { أَنْتُمْ وَآبَآؤكُمُ } [ الأعراف : 71 ] من غير أن يكون معكم من الله في ذلك حجة وبرهان ، فانتظروا معاملتكم مع الله من الله ، { إِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُنْتَظِرِينَ } [ الأعراف : 71 ] ؛ يعني : جزاء معاملتكم وجزاء معاملتي ، { فَأَنجَيْنَاهُ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا } [ الأعراف : 72 ] ؛ يعني : جازيناهم على معاملتهم ، { وَقَطَعْنَا دَابِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ } [ الأعراف : 72 ] ؛ يعني : وجازيناهم على معاملتهم بإهلاكهم ، { وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ } ، وفيه إشارة إلى أن هود عليه السلام مع رتبته في النبوة ودرجته في الرسالة إنما نجا برحمة الله هو والذين آمنوا معه ؛ ليعلم أن النجاة لا تكون باستحقاق العمل ، وإنما تكون ابتداء فضل من الله ورحمة ، فما نجا من نجا إلا بفضل الحق سبحانه .