Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 85-87)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم أخبر عن قوم شعيب عليه السلام بقوله تعالى : { وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً } [ الأعراف : 85 ] إلى قوله تعالى : { وَهُوَ خَيْرُ ٱلْحَاكِمِينَ } [ الأعراف : 87 ] ، { قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَآءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ فَأَوْفُواْ ٱلْكَيْلَ وَٱلْمِيزَانَ } [ الأعراف : 85 ] ، الإشارة : أن في قوله تعالى : { وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً } إلى قوله : { وَلاَ تَبْخَسُواْ ٱلنَّاسَ } [ الأعراف : 85 ] دلالة على الأنبياء - عليهم السلام - كلهم دعوا عباد الله إلى عبادة الله وتوحيده بالبينات الظاهرات ، والحجج الواضحات ، والمعجزات الباهرات ، وفيه أن بخس الناس ، { أَشْيَاءَهُمْ } [ الأعراف : 85 ] في المكيال والموزون من خساسة النفس ، ودناءة الهمة ، وغلبة الحرص ، ومتابعة الهوى ، وهذه الصفات الذميمة من شيم النفوس ، وقد ورد الشرع بتبديل هذه الصفات وتزكية النفس ، فإن الله تعالى يحب معالي الأمور ويكره سفاسفها . { وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا } [ الأعراف : 85 ] ؛ أي : في الأرض الطيبة التي جبلت على حسن الاستعداد وخلقت في أحسن تقويم ، { ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ } [ الأعراف : 85 ] ؛ يعني : إبقاء الكيل والميزان تزكية النفوس ، وصرف الاستعداد في طلب معالي الأمور تحلية القلوب ، { إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ } [ الأعراف : 85 ] بنيل الدرجات وتحصيل الكمالات ، { وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ } [ الأعراف : 86 ] ؛ يعني : لا تقطعوا الطريق على الطالبين بأنواع الحيل والمكائد . { وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } [ الأعراف : 86 ] ؛ يعني : تمنعون أرباب الطلب عن الحق ، { مَنْ آمَنَ بِهِ } [ الأعراف : 86 ] بالطلب ، { وَتَبْغُونَهَا عِوَجاً } [ الأعراف : 86 ] يعني : تطلبون الاعوجاج في طريق الحق بإظهار الباطل ؛ لكي تقطعوا عليهم الطريق كما قطعتم على أنفسكم ، كما أن شر المعاصي ما لا يكون لازماً لصاحبه ويكون متعدياً عنه إلى غيره ؛ لأن ضر التعدية عائد إلى المبتدئ بقدر الأثر في التعدي ، { وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ } [ الأعراف : 86 ] من عليهم بتكثير العدد ؛ لأن التناصر والتعاون في الأمور بكثرة العدد نعمة تامة في تصرفاتها في إعلاء كلمة الدين فهي السعادة العظمى ، ومن صرفها في إعلاء كلمة الكفر فهي الشقاوة الكبرى . { وَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ } [ الأعراف : 86 ] الذين أفسدوا حسن الاستعداد الفطري ، وصرفوا أنعم الله في غير مصرفها ، { وَإِن كَانَ طَآئِفَةٌ مِّنكُمْ } [ الأعراف : 87 ] يشير إلى القلب والروح ، { آمَنُواْ بِٱلَّذِيۤ أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَآئِفَةٌ لَّمْ يْؤْمِنُواْ } [ الأعراف : 87 ] وهي النفس وصفاتها ، فإن أكثر المؤمنين من آمن قلبه وروحه ولم تؤمن نفسه ، { إِنَّ ٱلنَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِٱلسُّوۤءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيۤ } [ يوسف : 53 ] ؛ يعني : من نفوس الأنبياء - عليهم السلام - والأولياء ، { فَٱصْبِرُواْ حَتَّىٰ يَحْكُمَ ٱللَّهُ بَيْنَنَا } [ الأعراف : 87 ] ؛ يعني : بين الروح والقلب والنفس ، { وَهُوَ خَيْرُ ٱلْحَاكِمِينَ } [ الأعراف : 87 ] لا تجعلوا الروح والقلب المؤمنين تبعاً للنفس الكافرة في العذاب ، وإذاقة ألم الهجران وتجوروا عليهما بجرمهما { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } [ الإسراء : 15 ] .