Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 88-91)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أخبر عن المستكبرين وعاقبة الكافرين بقوله تعالى : { قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ } [ الأعراف : 88 ] إلى قوله : { جَاثِمِينَ } [ الأعراف : 91 ] ، الإشارة فيها : أن في قوله تعالى : { قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ } إلى قوله : { جَاثِمِينَ } ، إشارة إلى أن من شأن المتكبرين ودأب المتحيرين استعداد على الأزل وذلك لما فيهم من نظر التنعم وطغيان الاستغناء في دعمه الاستبداد ، ولمَّا كان حب الدنيا رأس كل خطيئة ، وفتنتها أعظم من كل بلية جعل الله تعالى أهلها في البلاد سبباً للهلاك والفساد ، كما قال تعالى : { وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا } [ الإسراء : 16 ] . وقوله تعالى : { أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا } [ الأعراف : 88 ] ، يشير إلى التأهل للخير كما لا يميلون إلى أشكالهم ، فكذلك أهل الشر لا يرضون لمن رأوا ، وإلا بأن يساعدهم على ما هم عليه من أحوالهم ، والأوحد في بابه من باين نهج إضرابه ، { قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ } [ الأعراف : 88 ] ؛ يعني : نعود في ملتكم ونقول لكم : قد جعلنا الله معكم فنكون من المغترين ، { عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا ٱللَّهُ } [ الأعراف : 89 ] من حكم في القسمة الأزلية وتغيرها ، { إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّنَا } [ الأعراف : 89 ] وأن يغيرها ، { وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً } [ الأعراف : 89 ] ؛ أي : لأن واسع علمه الأزلي يسع فيه أن يقدر شيئاً على أنه يمحوه في وقته ما ويقدر شيئاً على أنه يثبته ، كما قال تعالى : { يَمْحُواْ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ } [ الرعد : 39 ] . { عَلَى ٱللَّهِ تَوَكَّلْنَا } [ الأعراف : 89 ] أي : تيقناً بالله أن تثبتنا على ما قدر لنا من الدين ولا يغتر علينا الحال ، ثم انقطعوا عن الخلق قالوا : { رَبَّنَا ٱفْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِٱلْحَقِّ } [ الأعراف : 89 ] ؛ أي : أحكم بيننا وبينهم بإظهار ما قدرت لنا ، من أمن خاتمة السوء ، { وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْفَاتِحِينَ } [ الأعراف : 89 ] الحاكمين بين أهل الحق والباطل ، { وَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ } [ الأعراف : 90 ] لغاية جهالتهم ونهاية ضلالتهم ، { لَئِنِ ٱتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ } [ الأعراف : 90 ] فمن أعماهم رأوا الحق باطلاً ، والباطل حقاً ، والفلاح خسراناً والخسران فلاحاً ، { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ } [ الأعراف : 91 ] فصارت صورتهم تبعاً لمعناهم فإنهم كانوا جاثمين الأرواح في ديار الأشباح .