Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 96-100)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْقُرَىٰ ءَامَنُواْ وَٱتَّقَواْ } [ الأعراف : 96 ] في أن { أَهْلَ ٱلْقُرَىٰ } إشارة إلى أن صفات القالب لو آمنوا بما يروا إلى صفات القلب والروح من ألطاف الحق { وَٱتَّقَواْ } مشتهيات النفس ومستلذات الطبع ، { لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَٰتٍ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ } [ الأعراف : 96 ] ؛ أي : لفتحنا على صفات النفس أسباب العواطف من سماء الروح وأرض القلب ، { وَلَـٰكِن كَذَّبُواْ } [ الأعراف : 96 ] بالواردات الربانية والأخلاق الروحانية ، { فَأَخَذْنَٰهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } [ الأعراف : 96 ] ؛ أي : عاقبناهم بعذاب البعد بما كسبوا من مخالفات الحق وموافقات الطبع ، { أَفَأَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَىٰ } [ الأعراف : 97 ] ؛ أي : هذه الصفات ، { أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا } [ الأعراف : 97 ] في صورة القهر وفي حقيقة اللطف فأما في صورة القهر فيأتهم الموت ، { بَيَٰتاً } [ الأعراف : 97 ] بالليل ، { وَهُمْ نَآئِمُونَ } [ الأعراف : 97 ] ، وأما في حقيقة اللطف فيأتيهم سطوات جذبنا فجاءة وهم غافلون . { أَوَ أَمِنَ أَهْلُ ٱلْقُرَىٰ أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ } [ الأعراف : 98 ] ؛ أي : يشتغلون بالدنيا فإنها لهو ولعب ، { أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ ٱللَّهِ } [ الأعراف : 99 ] فمكره مع أهل القهر بالقهر ، ومع أهل اللطف باللطف ، { فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ ٱللَّهِ } [ الأعراف : 99 ] أي : أهل القهر ، { إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلْخَاسِرُونَ } [ الأعراف : 99 ] الذين خسروا سعادة الدارين ، ومن أهل اللطف إلا { ٱلْخَاسِرُونَ } من الذين خسروا الدنيا والعقبى وربحوا المولى ، فعلى هذا أهل الله هم الآمنون من مكر الله في حقهم مكر باللطف ، دل عليه قوله تعالى : { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱلأَمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ } [ الأنعام : 82 ] ولهذا قال تعالى : { وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ } [ الأنفال : 30 ] ؛ لأن مكرهم مكر في مستحقيه وغير مستحقيه ، ومكره في مستحقيه بالقهر وفي غير مستحقيه باللطف ، فافهم جيداً واعتبر جدّاً . ثم أخبر عن إظهار اللطف مع مستحقي القهر بقوله تعالى : { أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَآ أَن لَّوْ نَشَآءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ } [ الأعراف : 100 ] إلى قوله : { لَفَاسِقِينَ } [ الأعراف : 102 ] الإشارة فيها : أن في قوله تعالى : { أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ ٱلأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَآ أَن لَّوْ نَشَآءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ } دليلاً على أنه تعالى يمن على نبينا صلى الله عليه وسلم في قومه ، أو سار بسيرة من ورثوهم الأرض وعملوا أعمالهم ، { فَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ } [ الذاريات : 44 ] وخالفوا نبيهم وقاتلوا معه استحقوا الهلاك ، وإن يصيبهم كما أصابهم ولكن الله تعالى ببركة النبي صلى الله عليه وسلم ما أهلكهم ، كما قال تعالى : { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ } [ الأنفال : 33 ] فأمهلهم حتى أسلموا أكثرهم ، واسلموا أولادهم ، وأولاد أولادهم فيه يشير إلى أن الذنوب ، وإن كانت موجبة للعذاب لو شاء الله يعذبهم بها ولو شاء يعفو عنهم ويغفر لهم . وفي قوله تعالى : { وَنَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ } [ الأعراف : 100 ] إشارة إلى أن من سمع قول الأنبياء وقيل دعوتهم إنما كان بمشيئة الله تعالى وحسن توفيقه ، ومن لم يسمع إنما كان ببغضاء الله وخذلانه إياه .