Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 70, Ayat: 40-44)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَلآ أُقْسِمُ بِرَبِّ ٱلْمَشَٰرِقِ وَٱلْمَغَٰرِبِ } [ المعارج : 40 ] ؛ يعني : أقسم برب مشارق كل نفس نازل من الوجود ، ومغارب كل نفس صاعد من الأنفاس النازلة من الوجود ، { إِنَّا لَقَٰدِرُونَ * عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ خَيْراً مِّنْهُمْ } [ المعارج : 40 - 41 ] ؛ يعني : تبدل نفسك خيراً مما نزل وصعد ، { وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } [ المعارج : 41 ] لا تقدر النفس أن تسبقنا ، { فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ } [ المعارج : 42 ] ؛ يعني : دع القوى المكذبة يخوضوا مع هواهم في أودية الشكوك ، ويلعبوا مع أطفال شهواتهم في زقاق الطبيعة ؛ { حَتَّىٰ يُلَٰقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِي } [ المعارج : 42 ] كانوا { يُوعَدُونَ } [ المعارج : 42 ] ؛ حتى يشاهدوا ويعاينوا . { يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلأَجْدَاثِ سِرَاعاً } [ المعارج : 43 ] ؛ يعني : من قبور قوالبهم مسرعين مجيبين الداعي مجبورين في الإجابة { كَأَنَّهُمْ إِلَىٰ نُصُبٍ يُوفِضُونَ } [ المعارج : 43 ] ؛ يعني : إلى ضالتهم يسرعون { خَٰشِعَةً أَبْصَٰرُهُمْ } [ المعارج : 44 ] ؛ أي : ذليلة خاضعة مهينة ملتفتة يميناً وشمالاً طالبة مغيثاً ومعيناً ، ولا تجد مفراً ولا مهرباً { تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ } [ المعارج : 44 ] ؛ أي : يغشاهم هوان فوق هوان ؛ لتكذيبهم اللطيفة واستهزائهم بالوارد . { ذَلِكَ ٱلْيَوْمُ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ } [ المعارج : 44 ] ، فيا أيها السالك : اعتبر بهذه السورة ، واحذر عن تكذيبك الوارد واليوم الموعود ولا تحسب أن الذي عانيته في نفسك هو اليوم الموعود ؛ لئلا يكفر باليوم الموعود العامر ، وتيقن أن الذي وجدته في نفسك بالموت الاختياري فكذلك تجده في الموت الاضطراري ، ومثل ذلك تجده في اليوم الموعود الكبير العظيم ، وإن لم يؤمن بالقيامات الثلاث : الصغرى : الحاصلة من الموت الاختياري كما قال صلى الله عليه وسلم : " قبل أن تموتوا " . والوسطى : بالموت الاضطراري كما قال صلى الله عليه وسلم : " من مات فقد قامت قيامته " . والقيامة الكبرى : وهي القيامة كما نطق به الكتاب والسنة ؛ فأنت كافر لا ينفعك الإيمان بإحدى القيامات الثلاث ، كما قال الله تعالى : { نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ } [ النساء : 150 ] ، وتيقن أن كل قيامة متأخرة أبين وأكبر من القيامة المقدمة ، كما أن الذي يبصره عند طلوع الشمس فيزداد ظهوره إذا طلعت الشمس ، والذي يبصره عند طلوع الشمس ، فيزداد ظهوره عند استواء الشمس في يوم صبيح . فهكذا ينبغي أن يعلم القيامة الحاصلة بالموت الاختياري ، أنها نموذج مما كان مودعاً في القيامة التي قامت بالموت الاضطراري ، وما شاهدت في هذه القيامة هو أنموذج مما كانت مدخرة في القيامة الكبرى الأخيرة ، وأنا مؤمن بحمد الله وحسن توفيقه بالقيامات الثلاث كما نطق به الكتاب والسنة . اللهم ثبتني على الإيمان ووفقني لمتابعة حبيبك نبي آخر الزمان صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان صغيراً وكبيراً .