Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 81, Ayat: 15-29)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَلاَ أُقْسِمُ بِٱلْخُنَّسِ * ٱلْجَوَارِ ٱلْكُنَّسِ } [ التكوير : 15 - 16 ] ؛ أي : أقسم بالآيات في ضوء شمس الذات ؛ يعني : بالأنوار المودعة في قوى القلبية التي إذا طلعت شمس اللطيفة الأنانية يهلك في ضوئها ، وتستر بيضائها ، ويرجع إلى أصلها ، { وَٱللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ } [ التكوير : 17 ] ؛ يعني : بالأنوار الجلالية التي أودعناها في ليل القالب إذا أدبر ، { وَٱلصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ } [ التكوير : 18 ] ؛ يعني : بالنور الجمالي الذي أودعناه في يوم لدليل بعده إذا تنفس وهو صبح القيامة ، { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } [ التكوير : 19 ] هذا جواب القسم ؛ يعني : هذا التقدير لقول رسول كريم { ذِي قُوَّةٍ } [ التكوير : 20 ] قوي علي وهو أمين { عِندَ ذِي ٱلْعَرْشِ مَكِينٍ } أشار إلى العرش لأنك لا تشك فيما يرد عليك من القوى المخزونة في دماغك أن هذا الوارد يكون مثل ذلك ، { مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ } [ التكوير : 21 ] ؛ يعني : يطاوعك لذلك الوارد جميع القوى الروحانية ويقرون بحقيقته ، وهو أمين على وحي الحق وإلهامه يبلِّغ صاحبه بلا زيادة ونقصان ، { وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ } [ التكوير : 22 ] ؛ أي : اللطيفة المبلغة بعد ورود الوارد وتبليغها رسالة الحق ، ما هو بمجنون فيما يتكلم به ، ويخاطب معكم ما كنتم تستمعون من أحد قبل . { وَلَقَدْ رَآهُ بِٱلأُفُقِ ٱلْمُبِينِ } [ التكوير : 23 ] ؛ يعني : صاحب الوارد الإلهي وهو إشارة إلى : أفق محمد صلى الله عليه وسلم خاصة في هذا المقام ؛ لأن أفق آدم عليه السلام كان متصلاً بأفق نوح ، كان متصلاً بأفق إبراهيم ، كان متصلاً بأفق موسى ، وأفق موسى كان متصلاً بأفق داود ، وأفق داود كان متصلاً بأفق عيسى ، وأفق عيسى كان متصلاً بأفق محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ، وأفق محمد صلى الله عليه وسلم كان متصلاً بالحق وهو أفق الأعلى من طرف الخلق ؛ يعني : ليس أفق أعلى من أفقه وهو الأفق المبين من طرف الحق ، كما أن للمعدن أفقاً إلى حد النبات ، وللنبات أفقاً إلى حد الحيوان ، وللحيوان أفقاً إلى حد الإنسان ، والإنسان صاحب الأفقين العلويين والسفليين ولأجل هذا كان وسطاً وخيراً ، فهكذا صارت أمة محمد صلى الله عليه سلم وسطاً كما قال الله تعالى في كتابه : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً } [ البقرة : 143 ] ، وقال الله تعالى : { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ } [ آل عمران : 110 ] وفي حقيقة الأفق سر يتعلق بحد القرآن مما لا يجوز إفشاؤه ، هذا بساط قد طويناه ، { وَمَا هُوَ عَلَى ٱلْغَيْبِ بِضَنِينٍ } [ التكوير : 24 ] ؛ يعني : وما اللطيفة المبلغة بضنين ؛ أي : متهم على الواردات الغيبية ولا بخيل بإبلاغها ، { وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ } [ التكوير : 25 ] وما هذا الوارد بإلقاء الشيطان الرجيم ، { فَأيْنَ تَذْهَبُونَ } ؛ أي : أين تعدلون عن الصراط المستقيم وتشكون في صدق الوارد ، ثم تكلم به قبل ورود الوارد وهذه اللطيفة كانت معكم ، أفلا تصدقونه فيما يقول من الوارد الغيبي : { إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ } [ التكوير : 27 ] ؛ أي ليس هذا الوارد إلا ذكراً ووعظاً لجميع العالم إن آمنوا به وعملوا بما فيه ، { لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ } [ التكوير : 28 ] إزاغته عن الصراط المستقيم بإنكاره الوارد والاستهزاء لصاحب الوارد المبلغ ، { وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } [ التكوير : 29 ] ؛ يعني : ما تشاءون هداية أحد وإضلاله إلا أن يشاء الله هدايته وإضلاله ، يضل به من يشاء ، ويهدي به من يشاء وهو رب العالمين ، يربيهم بلطفه وقهره كما يشاء { لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ } [ الأنبياء : 23 ] من إعطاء التوفيق لأحد والخذلان لآخر ويسألون بحكمه وحكمته . اللهم أعذنا من الخذلان وشرفنا بالتوفيق لقبول الوحي عن الرب بمحمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان على سبيل التحقيق .