Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 83, Ayat: 1-13)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أيها المطفف ، الذي يأخذ من القوى العلوية بكيل وفيّ ولا يعطي حقه من القوى السفلية إلا بوزن طفيف وكيل منقوص ، أما سمع ما يقول رب العالمين للمطففين في كلامه القديم حيث يقول : { وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ * ٱلَّذِينَ إِذَا ٱكْتَالُواْ عَلَى ٱلنَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ } [ المطففين : 1 - 3 ] ؛ يعني : يكيلون على الحفظة أعمالهم الناقصة ، ويزنون حظوظ القوى من القوى السفلية في التفكر في آلاء الله ونعمائه ، والاعتبار بما في عالم الآفاق ، واستماع المواعظ بوزن خاسر ، ويستوفون حظوظها من القوى العلوية من الحياة والعقل وغيرهما مما نكب بها نفسها بالحظوظ العاجلة على وفق سواها ، ولولاها لكانت مثل البهائم في جذب المنافع ودفع المضار عن نفسه ، وخسران وزنهم يرجع إلى أعمالهم الباطنة مثل : الحضور ، والإخلاص ، والصدق ، والنية ، والتوجه وأمثالها ، وخسران كيلهم يرجع إلى الأعمال التي تتعلق بالحواس الظاهرة مثل : أركان الصلاة ، والإمساك والشرب ، وإيتاء الزكاة وأشبهها . { أَلا يَظُنُّ أُوْلَـٰئِكَ أَنَّهُمْ مَّبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ } [ المطففين : 4 - 5 ] ؛ يعني : هؤلاء يظنون أنهم غير مبعوثين من قبور قوالبهم ليوم عظيم شأنه { يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَآئِرُ } [ الطارق : 9 ] من الصدور وتشهد الأعضاء على كل ما صدر عن صاحبه وورد عليه { يَوْمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ } [ المطففين : 6 ] من قبور قوالبهم { لِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [ المطففين : 6 ] لأمر ربه ليجزي كل نفس بما كسبت ، { كَلاَّ } [ المططفين : 7 ] ؛ أي : ليس الأمر كما ظنوا ، { إِنَّ كِتَابَ ٱلْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ } [ المطففين : 7 ] ؛ يعني : كتاب القوى الفاجرة يصعد إلى السماء ؛ أي : سماء الصّور ؛ فأبت السماء أن تقبله فرد ونزل إلى الأرض ؛ أي : أرض القالب فأبت الأرض أن تقبله فصار متردداً فيأمر الله تعالى حتى يسحبوه من سجين ؛ وهو موضع الشيطان تحت سبع أرضين الأعضاء السبعة مثل الجب الذي لا يكون له قعر ولا نهاية ، قعره يدل على أنه مظهر لصفة قهر الحق وفيه أسرار تتعلق بحد القرآن ، { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ } [ المطففين : 8 ] ؛ أي : سجين موضع يسجن فيه كتاب الفجار الذي هو كتاب { كِتَابٌ مَّرْقُومٌ } [ المطففين : 9 ] ؛ يعني : مكتوب فيه أعمالهم كالأعلام المرقومة على الثياب بحيث لا يفنى بالغسل ، وهذه إشارة إلى : تثبت الأعمال وجوديته الفاسدة على وجودهم بحيث صارت الأعمال وجودية ذاتية لهم ولأجل هذا يخلدون في العذاب ، { وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ * ٱلَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ * وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلاَّ كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ } [ المطففين : 10 - 12 ] ؛ أي : لا يكذب بيوم الجزاء إلا قوة عبدة قالبية أو أثيمة نفسية قالت : هكذا جبلت النفس ، { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } [ المطففين : 13 ] ؛ يعني : إذا تتلى على تلك القوى الآيات الأنفسية قالت : هكذا جبلت النفس فإذا غلبت عليها خلطة السوء يشهد أشياء هائلة ، وهي من قبيل الخيالات .