Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 83, Ayat: 14-25)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ كَلاَّ } [ المطففين : 14 ] ؛ أي : ليس الأمر على ما زعمتم { بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ } [ المطففين : 14 ] ؛ أي : طبع الله على قلوبهم بالذنوب التي اقترفتها القوى حتى يكتب على لوح وجودهم ظلمة الجهل والظلم ، ويبطل استعداد اللوحية ليغرس الصور الهائلة التي هي ثمرة أعماله الفاسدة الثابتة عليه ، روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه ، فإن تاب ورجع واستغفر صقل قلبه منها ، وإن زاد زادت حتى يعلو قلبه ، فذلك الران الذي ذكره الله في كتابه : { كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } " ، وأصل الرين الغلبة ؛ يعني : غلبت عليهم شقوتهم لغلبة الظلمة على لوح وجودهم مما كسبت أيديهم وكتبت على اللوح بخط أعمالهم حتى اسود اللوح من المعاصي ، ومات القلب لفوات استعداد قابلية الرحمة من الحق . { كَلاَّ إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ } [ المطففين : 15 ] ؛ يعني : القوى الفاجرة ، والألواح المسودة بنقوش المعاصي عن رحمة ربهم ولقائه محجوبون بالحجاب الذي كسبوا في دار الكسب { ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُواْ ٱلْجَحِيمِ } [ المطففين : 16 ] الذي كسبوها وعملوها عملاً وعمروها وبالغوا في تعميق قربها وإشعال نارها { ثُمَّ يُقَالُ هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } [ المطففين : 17 ] ، يقال لهم : القوى الملهمة التي تلهم القوى الأمارة بالخير وهي تكذبها ، وتقول : كيف نترك لذتها العاجلة التي تشاهدها لقولك ووعدك لنا بدار لا نشاهدها ، فقوله لهم في ذلك اليوم : { هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } [ المطففين : 17 ] ؛ يعني : هذه الدار التي بها تكذبون في الدنيا ، وهذا جزاء أعمالكم التي كنتم عاملين لها في دار كسبكم ، { كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ ٱلأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ } [ المطففين : 18 ] ؛ أي : حقاً أن محل كتاب الأبرار لفي عليين ؛ أي : لفي مرتبة الملائكة التي يصلون إليها في الملكوت الأعلى ويضعون فيها كتاب الأبرار وليس فوقها لهم سبيل ؛ لأن ذلك المقام أعلى عليين الروحانية ولا يمكن التجاوز لأحد من ذلك المقام إلا بالجذبة ، { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ } [ المطففين : 19 ] عليون محل كتاب الأبرار ؛ وهو { كِتَابٌ مَّرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ ٱلْمُقَرَّبُونَ } [ المطففين : 20 - 21 ] من أعلى عليين ويفرحون بذلك الكتاب . { إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ } [ المطففين : 22 ] الذين كسبوا في دار الكسب بالقوة القالبية والنفسية ، والقلبية والسرية ، والروحية والخفية ، حتى رقم في وجودهم عين ذلك النعيم ، { عَلَى ٱلأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ } [ المطففين : 23 ] على أريكة الرحمة ينظرون إلى جزاء أعمالهم وإلى نقوش ألواحهم ، { تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ ٱلنَّعِيمِ } [ المطففين : 24 ] ؛ لأن وجوههم كانت مبصرة من نور كسبوه في دار الكسب { يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ } المحبة { مَّخْتُومٍ } [ المطففين : 25 ] .