Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 83, Ayat: 26-36)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ خِتَامُهُ مِسْكٌ } [ المطففين : 26 ] ؛ يعني : مختوم بطين خمَّره بيده وقت التخمير ، وتكون طينته من عرف المعرفة مسكاً وفي المسك والكافور الذي يذكرهما الله تعالى في كتابه تعلق بحد القرآن . { وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ ٱلْمُتَنَافِسُونَ } [ المطففين : 26 ] ؛ يعني : من الاطلاع على سر الرحيق الحبّي ، والطيني المسكي ، والأرض الكافورية فليرغب الراغبون من أخص الخواص من السابقين ويضن على إفشاء سره لنفاسته وعلو مثاله ، فتحل الفتنة { وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ } [ المطففين : 27 ] ؛ يعني : مزج الحب بالطين وبعبارة أخرى ؛ يعني : مزجوا رحيقهم بسنيم الريق ؛ أي : ريق الساقي وهذا مخصوص بالمقربين من الأنبياء والصديقين ، { عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا ٱلْمُقَرَّبُونَ } [ المطففين : 28 ] ؛ وهي عين المعاينة تنبع من وجه المشايخ ، يشرب بها المقربون خاصة وهي مما قال الله تعالى : { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ } [ السجدة : 17 ] ، { إِنَّ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ } [ المطففين : 29 ] ؛ يعني : القوى المجرمة { كَانُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يَضْحَكُونَ } [ المطففين : 29 ] في دار الدنيا ، ويقولون : هؤلاء مساكين تركوا هذا النعيم المعين النقد لخيالاتهم الفاسدة ويتبعون أنفسهم ويستهزءون بعقولهم ، { وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ } [ المطففين : 30 ] ؛ يعني : يشير بعضهم إلى بعض استهزاء بهم وبما كانوا مشتغلين بالعبادة والمجاهدة وترك المشتهيات النفسية والهووتية ، { وَإِذَا ٱنقَلَبُوۤاْ إِلَىٰ أَهْلِهِمُ } [ المطففين : 31 ] ؛ أي : إلى قوى قالبهم ونفسهم { ٱنقَلَبُواْ فَكِهِينَ } [ المطففين : 31 ] ؛ أي متعجبين من أحوالهم ، ضاحكين من أفعالهم ، { وَإِذَا رَأَوْهُمْ } [ المطففين : 32 ] ؛ أي : إذا رأوا القوى اللطيفة { قَالُوۤاْ إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ لَضَالُّونَ } [ المطففين : 32 ] ؛ يعني : ضلوا الطريق الواضح واللذة العاجلة ، ويتبعون النفس بخيال : أن لهم بعد هذه الدار دار ينعمون فيها أبد الدهر ، { وَمَآ أُرْسِلُواْ } [ المطففين : 33 ] ؛ يعني : القوى المجرمة { عَلَيْهِمْ } [ المطففين : 33 ] ؛ أي : على القوى المطيعة { حَافِظِينَ } [ المطففين : 33 ] لأعمالهم وأحوالهم ولكنهم أرادوا أن يستوفوا القوى المطيعة لأهوائهم ، فلما عصت القوى المطيعة لأمرهم وطاوعت أمر ربهم حسدوا عليهم وضحكوا منهم وآذوهم . { فَٱلْيَوْمَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ ٱلْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ } [ المطففين : 34 ] ؛ يعني : يوم خروجهم من الدنيا ودخولهم في دار الآخرة يضحكون من الكفار بتجهيزهم في النار ، وبخسرهم على أنفسهم فيما أضاعوا الاستعداد الذي به يمكن حصول النعيم المقيم ، والمؤمنون { عَلَى ٱلأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ } [ المطففين : 35 ] إلى الكفار بعين العبرة { هَلْ ثُوِّبَ ٱلْكُفَّارُ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } [ المطففين : 36 ] ؛ يعني : هل جزاء استهزائهم بالمؤمنين إلا هزاء ، فعليك يا سالك الطريقة أن تستهزئ بالقوى المجرمة ، وشاهد نعمك لتعمل بالنعيم المقيم عملاً صالحاً ؛ ليكون غداً من المقربين الشاربين رحيق المحبة الممزوجة بنسيم ريق الساقي إن شاء الله تعالى . اللهم اسقني من كأس محمد صلى الله عليه وسلم شربة لا أظمأ بعدها أبداً .