Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 84, Ayat: 1-13)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أيها الكادح لربك ؛ القادح في أمر لطيفتك ، الفاضح نفسك ، { إِذَا ٱلسَّمَآءُ ٱنشَقَّتْ } [ الانشقاق : 1 ] ؛ يعني : إذا انشقت سماء صدرك { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا } [ الانشقاق : 2 ] في انشقاقها { وَحُقَّتْ } [ الانشقاق : 2 ] ؛ أي : تطيع أمر الرب وهو يوم قادح ، { وَإِذَا ٱلأَرْضُ مُدَّتْ } [ الانشقاق : 3 ] ؛ أي : أرض البشرية مدت في عينيك لا يبقى فيها عوجاً ولا أمتاً { وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا } [ الانشقاق : 4 ] ؛ ألقت ما فيها من كنوز القوالب والاستعدادات { وَتَخَلَّتْ } [ الانشقاق : 4 ] ؛ أي : ما بقيت فيها من القوى ، وخلت بالكلية منها ، وانتزعت عنها شاءت أم أبت { وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ } [ الانشقاق : 5 ] ؛ أي : وحق لها أن تطيع أمر ربها . { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحاً } [ الانشقاق : 6 ] أيتها اللطيفة الباقية الإنسانية ، إنك مسرعة إلى ربك في عملك ، فانظري ما عملت خيراً عملت لتكوني مسارعة إلى لطفه ، أم شراً عملت لتكوني مسارعة إلى قهره { فَمُلاَقِيهِ } ؛ أي : تشاهدين جزاء الشر لا محالة ، وكلكم في تلك الحالة مسارعون إلى ربكم بأمر الرب حيث يقول : { وَسَارِعُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ } [ آل عمران : 133 ] فطوبى لمن سارع إلى مغفرة ، وويل لمن [ كفر ] نعمته ، { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَـٰبَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً } [ الانشقاق : 7 - 8 ] وهو المسارع إلى مغفرة الرب ، { وَيَنقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ مَسْرُوراً } [ الانشقاق : 9 ] ؛ أي : ينقلب إلى قواه الطائعة له المؤمنة بربه ، مسروراً معه مغفوراً { وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَٰبَهُ وَرَآءَ ظَهْرِهِ } [ الانشقاق : 10 ] وهو المسارع إلى نعمته ؛ لأنه كان متوجهاً إلى الدنيا مدبراً عن العقبى ، فلأجل ذلك أوتي كتابه وراء ظهره ؛ لأن كل ما عمل بقي وراء ظهره وما قدم لنفسه عملاً صالحاً ، { فَسَوْفَ يَدْعُواْ ثُبُوراً } [ الانشقاق : 11 ] ينادي بالويل والثبور ويدعو هو بنفسه على نفسه بالويل والثبور حين يهوى به في السعير كقوله تعالى : { وَيَصْلَىٰ سَعِيراً * إِنَّهُ كَانَ فِيۤ أَهْلِهِ مَسْرُوراً } [ الانشقاق : 12 - 13 ] ؛ يعني : في الدنيا مع القوى الكافرة كان مسروراً باتباع الشهوات والتلذذ بالمنهيات على وفق هواه .