Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 85, Ayat: 11-22)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ ذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْكَبِيرُ } [ البروج : 11 ] ؛ يعني : القوى التي آمنت باللطيفة الداعية لها وعملت الصالحات لهم الجنات التي عمرت في نفوسهم بالعمل الصالح تجري من تحتها الأنهار والمعرفة ، و { ذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْكَبِيرُ } [ البروج : 11 ] وهذه الآية تصلح أن تكون جواب القسم ؛ يعني : يكرر القسم ، ثم قال : { قُتِلَ أَصْحَابُ ٱلأُخْدُودِ } [ البروج : 4 ] … إلى آخره ، ثم أقسم وقال : { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } [ البروج : 11 ] ولو نقول : إن في الآية تقديماً وتأخيراً كما قيل يجوز ؛ يعني : قتل أصحاب الأخدود { وَٱلسَّمَآءِ … } [ البروج : 1 ] إلى آخره ؛ { إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ } [ البروج : 12 ] جواب بعد الجواب ؛ يعني : يوم يبطش البطشة الكبرى تكون أشد من البطش العاجل الذي بيناه في عذاب الحريق . { إِنَّهُ هُوَ يُبْدِىءُ وَيُعِيدُ } [ البروج : 13 ] ؛ يعني : خلقهم أولاً ، يميتهم ثانياً ، ثم يحييهم ثالثاً ، وبعبارة أخرى : { إِنَّهُ هُوَ يُبْدِىءُ وَيُعِيدُ } [ البروج : 13 ] ويعيد القوى في النفس الأمارة من الغيب إلى الشهادة ويجعلها مظهراً لصفة قهره ، ويعيدها إلى عالم الغيب من الشهادة مع الكتاب الآلات الباقية للمظهرية لصفة القهر . { وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلْوَدُودُ } [ البروج : 14 ] للقوى التائبة المؤمنة { ذُو ٱلْعَرْشِ ٱلْمَجِيدُ } [ البروج : 15 ] الذي كان فوق الكرسي المسمى بفلك الأفلاك ؛ وهو مستوى الصفة الروحانية ومحرك الأفلاك ؛ وهو مبدئ ظهور الفعل { فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ } [ البروج : 16 ] ؛ يعني : يفعل بتحركه الأفلاك ما كتب على اللوح أراد ظهوره ، { هَلُ أَتَاكَ حَدِيثُ ٱلْجُنُودِ * فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ } [ البروج : 17 - 18 ] ؛ أي : سمعت حديث القوى القالبية ، والنفسية التي آمنت بفرعون اللطيفة القالبية غير المستخلصة عن الباطل وإرادة الغلبة على اللطيفة المستخلصة عن الباطل الواصلة إلى الحق ما فعل الله بهم ، { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي تَكْذِيبٍ } [ البروج : 19 ] أيتها اللطيفة الخفية ، لك كما كذبوا من قبل اللطائف المستخلصة عن الباطل الداعية أممهم إلى الحق والأمن ، { وَٱللَّهُ مِن وَرَآئِهِمْ مُّحِيطٌ } [ البروج : 20 ] ؛ يعني : عالم بكيدهم قادر على دفعهم ولكنه يمهلهم ؛ ليكسوا آلات شقاوتهم الأبدية ، { بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ } [ البروج : 21 ] ؛ يعني : إن الذي ينزل عليك من أحوالهم ، ومما يؤول إليه أمرهم في الآخرة ، من أمور الغيبية المشهودة من أعين أهل الشهادة ، قرآن حق لا شعر ولا كهانة وبعبارة أخرى : { بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ } [ البروج : 21 ] إنهم أمهلوا حتى أكثروا الفساد وادخروا العذاب الشديد ليوم المعاد مكتوب { فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ } [ البروج : 22 ] ؛ أي : في لوح عقلك ، محفوظ في قوة حافظتك ، وقد بينا في قدسية أخرى ذكر القرآن القديم الكريم الذي { لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ ٱلْمُطَهَّرُونَ } [ الواقعة : 79 ] والقرآن المجيد الذي يقرؤه الآفاقيون ، فاطلب منها حقيقتها فسبيلك أيها السالك سماءك ولوحك ، وشاهدك ومشهودك ، ويوم الموعود ، ولا تنكر الآيات البينات الأنفسية التي تشاهدها في السلوك ، وتذعن الأمر للطيفة ، وتكفر بالنفس الأمارة ، وتكون من حزب الرحمن ، وتجاهد مع جند الشيطان ؛ لتكون من الفائزين بالفوز الكبير . اللهم اجعلنا من أهل الفوز والسداد والصلاح بمحمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان كل صباح ورواح .