Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 87, Ayat: 10-19)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَىٰ } [ الأعلى : 10 ] سوف ينفع الذين يخشون من ربهم من القوى المستعدة الغير الملطخة بتراب الطبيعة [ المدساء ] في الطين اللازب ، { وَيَتَجَنَّبُهَا ٱلأَشْقَى * ٱلَّذِى يَصْلَى ٱلنَّارَ ٱلْكُبْرَىٰ } [ الأعلى : 11 - 12 ] فكل من كان من الأشقياء الذين أصليناهم في النار الكبرى التي بها استكبر وأبى أمر الرحمن ويتجنبون عن الموعظة والذكر ؛ لأنهم لا يموتون في تلك النار بألا يكون لهم خبر من عذابها ، ولا يحيون بأن يكون لهم من الحياة لذة ؛ بل لا يموتون من الطريق الجسماني يأكلون ويتمتعون ولكن ليس لهم حقانية حقيقة روحانية . { ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَا } [ الأعلى : 13 ] حياة تنفع ؛ ليبصروا الحق ويسمعوا كلام الحق وينتفعوا بموعظة اللطيفة ، { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ } [ الأعلى : 14 ] ؛ أي : كل لطيفة اشتغلت بتزكية القوى القالبية والنفسية أفلحت ؛ لأنها ذكرت اسم الرب فصلت وتوجهت إليه كما قال في كتابه : { وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ } [ الأعلى : 15 ] والأشقى الذين لا هم أموات ولا أحياء ، آثروا عيش الدنيا على عيش الآخرة لأنهم كانوا أمواتا عن القوى الأخروية ، أحياء بالقوى الدنيوية كما قال الله تعالى : { بَلْ تُؤْثِرُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا * وَٱلآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } [ الأعلى : 16 - 17 ] ؛ لأنها دار البقاء خيرها لا ينفد وعيشها لا يفنى ، والدنيا مرحلة الفناء عيشها عن قريب يفنى وتبعتها أبد الآباد تبقى . { إِنَّ هَـٰذَا لَفِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ } [ الأعلى : 18 ] ؛ يعني : إن هذا الماء المكتوب في { صُحُفِ } [ الأعلى : 19 ] القلب والسر { صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ } [ الأعلى : 19 ] فاجتهد أيها السالك لتقرأ صحفك ، ولا يمكن لك القراءة حتى تعالج بصرك الذي أعماه سبيل محبة الدنيا وظفرة الهوى ، فإذا عالجت البصر وصار صحيحاً تعلَّم علم القراءة من أستاذك لتقرأه من صحيفتك وتعرف حقيقة هذه الآيات فيك وتشتغل بالعمل بما أمرت به إن شاء الله تعالى . اللهم اجعلنا قارئين صحفنا عاملين بما فيها بحق محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين .