Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 87, Ayat: 1-9)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يا مسبح سبح أولاً لجاري اسمه ربك اشتغل بذكر الله حتى يطهر لسانك عن الغيبة والكذب والفحش والنميمة وما شاكلها ، يستحق أن يكون مسبحاً لله ولا يمكن حصول تطهير اللسان إلا باسم الرب فلأجل هذا قال في كتابه : { سَبِّحِ ٱسْمَ رَبِّكَ ٱلأَعْلَىٰ } [ الأعلى : 1 ] [ من أن ] يجري على لسان ملوث ، والاسم الأعلى هو الله ، والذكر الأفضل لا إله إلا الله ولأجل هذا السر اختار المشايخ الذين عرفوا الطريق على وجه التحقيق وهم طبقة أستاذ الطريقة الجنيد البغدادي - قدس سره - للسالكين الذين دخلوا في الطريقة ، وجاهدوا في تطهير القلب ؛ لينزل سلطان ذكر الرب فيه لا إله إلا الله ، وإذا طهرت صورة الذكر صورة لسانك ، وطهرت معاني الذكر حقيقة جنانك عرفت الرب وسبحته حق التسبيح ، وعلمت أنه خلقك من العناصر الأربعة فسواك في أعدل الأمزجة ليصلح أن يكون مركباً للروح الإضافي ، وقدر أقوات القوى الروحانية من نفحات ألطاف الرب ، وأقوات القوى الجسمانية من التدبيرات السماوية النازلة إلى أرض القالب ، وهدى كل قوة إلى قوتها المقدرة كما قال في كتابه : { ٱلَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ * وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ * وَٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلْمَرْعَىٰ } [ الأعلى : 2 - 4 ] ؛ يعني : أخرج مرعى الروح من ثدي الخفي كما أخرج مرعى الجسم من ثدي البطن { فَجَعَلَهُ غُثَآءً } [ الأعلى : 5 ] ؛ أي : هشيما مذللاً للأطفال ، ونور البصيرة في سواد الخفي ، ولين المعرفة والتربية الجسمانية والروحانية { أَحْوَىٰ } [ الأعلى : 5 ] ؛ يعني : بحكمته جعل رأس الثديين أسود لأنه أودع نور البصر في سواد العين ، ونور البصيرة في سواد الخفي ، ولين المعرفة والتربية في الثديين المصبوغين بصبغ السواد الذي ليس بعده لون في تحقيق هذا السر قرع باب حد القرآن . { سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَىٰ } [ الأعلى : 6 ] يقول الله تعالى للطيفة الخفية : سنقرئك من بيان الحدود فلا تنسى حقيقة أبد الدهر { إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ } [ الأعلى : 7 ] ؛ لأنه حكيم رحيم يعلم أن الأسرار التي هي مدرجة في الحدود لو تكشف على أحد يحترق العقل ويبطل نظام العالم السفلي ، { إِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ } [ الأعلى : 7 ] إنه يعلم ظاهر القرآن وباطنه ، ويعلم قوة ظاهرك وباطنك ومقدراً تحمله معاني الظهر والبطن ، فعلى قدر ما تكون قوتك نقرأه عليك ويثبت في قلبك بحور ما لك طاقة في حملها . { وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَىٰ } [ الأعلى : 8 ] ؛ أي : نهون عليك حمل ما أثبت في لوحك وقرأته والعمل به ، { فَذَكِّرْ } [ الأعلى : 9 ] القوى القالبية والنفسية ، والسرية والقلبية ، والروحية والخفية ، { إِن نَّفَعَتِ ٱلذِّكْرَىٰ } [ الأعلى : 9 ] ؛ يعني : إن كنت تذكر ما قرأت على لوحك فما عليك أن ينفع لهم الذكرى أو لا ينفع وعليك الوعظ والإبلاغ .