Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 88, Ayat: 14-26)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ } [ الغاشية : 14 ] موضوعة في حانة أنفسهم ؛ وهي الاستعدادات القالبية مملوءة من شراب المحبة ورحيق المشاهدة { وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ } [ الغاشية : 15 ] ؛ أي : وسائد الرحمة مصفوفة ليتكئوا عليها كما يتكئوا على وسائد وكالته في عالم القلب ، { وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ } [ الغاشية : 16 ] ؛ أي : فرشوا البسط مبسوطة في بساط الباسطة ، { أَفَلاَ يَنظُرُونَ إِلَى ٱلإِبْلِ كَيْفَ خُلِقَتْ } [ الغاشية : 17 ] إن كنتم تشكون وتعجبون مما ذكرنا ، أفلا ينظرون إلى إبل الشوق كيف خلقت ؛ لتكون مركبهم ويصلون عليها إلى هذا المقام الذي لا يصل إليه أحد { إِلاَّ بِشِقِّ ٱلأَنفُسِ } [ النحل : 7 ] أفلا ينظرون إلى سماء صدورهم كيف رفعت ، وإلى جبال قالبهم كيف نصبت ، وإلى أرض بشريتهم كيف سطحت كما يقول في كتابه : { وَإِلَى ٱلسَّمَآءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَىٰ ٱلْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى ٱلأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ * فَذَكِّرْ إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٌ } [ الغاشية : 18 - 21 ] أيها النائب لمحمد صلى الله عليه وسلم القائم مقامه في وجود كل أمة محمد صلى الله عليه وسلم { إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٌ } ؛ يعني : خلقت في وجود كل أحد لطيفة أحمدية وقوة محمدية ؛ ليذكرهم قواها من الغاشية ، وينذرهم بالنار الحامية والعين الآنية ، ويبشرهم بالجنة العالية والعين الجارية والفرش المرفوعة والنمارق المصفوفة والزرابي المبثوثة ، { لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ } [ الغاشية : 22 ] ؛ أي : لست بمسلط على هذه القوى لأنها خُلقت لعمل خاص متعلق بكل واحد منها ، وما عليك إلا البلاغ والإنذار والإبشار . { إِلاَّ مَن تَوَلَّىٰ } [ الغاشية : 23 ] ؛ أي : القوى التي تولت عن الحق وعما خلقت له ، { وَكَفَرَ } [ الغاشية : 23 ] ؛ أي : كفرت حتى بخالقها والحق الذي لأجله خلقت ، { فَيُعَذِّبُهُ ٱللَّهُ ٱلْعَذَابَ ٱلأَكْبَرَ } [ الغاشية : 24 ] بإعراض القوى عن الحق ، وإقبالها على الباطل بعذاب فقدان الحق وهذا من أكبر العذاب ، { إِنَّ إِلَيْنَآ إِيَابَهُمْ } [ الغاشية : 25 ] ؛ أي : رجوعهم إلى حضرة الحق { ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ } [ الغاشية : 26 ] ؛ يعني : الحق محاسبهم يوم الغاشية بإبطالهم الحقوق التي كانت ودائع الحق فيهم ، وإحقاقهم الأباطيل التي كانوا مأمورين بإخراجها . فيها أيها السالك ، اجتهد اليوم في إيتاء كل ذي حق حقه وإخراج الباطل عن نفسك ؛ لتكون وجيهاً عند الله يوم الغاشية . اللهم اجعل وجهي إليك ناظراً متنعماً بحق محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين صاحب الوجاهة والقدر .