Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 88, Ayat: 1-13)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يا طالب معرفة القيامة المائية القالبية ، اسمع ما يقول تعالى في كتابه الكريم حيث يقول : { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ٱلْغَاشِيَةِ } [ الغاشية : 1 ] والغاشية ما يغشى صاحبه عليه من هواها ، وهي حاصلة من الماء الذي ركب القالب عنه ، وأحمى بالنيران المشعلة بالريح الهوائية ، وجمع في باطنه بحيث صار متقناً وغلب عليه عند خراب القالب . { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ } [ الغاشية : 2 ] ؛ أي : ذليلة ليس لهم وجاهة ، { عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ } [ الغاشية : 3 ] عملوا بالهوى ما عملوا في عمران قالبه ، ونصبوا على وفق متابعة هواهم ما نصبوا ؛ يعني : ما وفقوا لاتباع اللطيفة الخفية ؛ بل عملوا ونصبوا بالابتداع من هوى أنفسهم . { تَصْلَىٰ نَاراً حَامِيَةً } [ الغاشية : 4 ] بالحطب الذي جمعوا من الأخلاق الذميمة والأوصاف الكريهة ، { تُسْقَىٰ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ } [ الغاشية : 5 ] ؛ أي : متناهية في الحرارة التي حصلت من النار الحامية بحطب الأخلاق الردية ونيران الشهوة والغضب ، { لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ } [ الغاشية : 6 ] ؛ لأنهم ما أطعموا القوى القلبية والسرية والروحية من شراب الذكر وطعامه ، فلا يكون لهم يومئذ { طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضَرِيعٍ } [ الغاشية : 6 ] وهو شوك الخواطر القالبية الردية لصاحبها باتباع هواها ، { لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِن جُوعٍ } [ الغاشية : 7 ] ؛ لأنهم كلما أكلوا منها زاد جوعهم وعطشهم بعدها ، ولهم { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ * لِّسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ } [ الغاشية : 8 - 9 ] والوجوه التي توجهت إلى قبلة وجه الله ، ونعمت القوى القلبية والسرية والروحية بنعمة الذكر ، وسعت في طاعته طلباً لمرضاته يكن ناعمات لسعيها راضيات في جنات عاليات عامرات في بواطنهم كما يقول الله تعالى : { فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * لاَّ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً } [ الغاشية : 10 - 11 ] ؛ لأنهم اشتغلوا في حبس القالب بذكر الله وما اشتغلوا باللغو واللهو ، فلا جرم كانت جنة قالبهم عالية طاهرة من لاغية . { فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ } [ الغاشية : 12 ] من المعرفة { فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ } [ الغاشية : 13 ] من الأسرار الرفيعة التي لا يصل إليها المقربون من عباده الخواص .