Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 14-19)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ } [ التوبة : 14 ] أي : القلوب والأرواح باستيلائكم عليها كما عذبتكم عند استيلائها عليكم ، { وَيُخْزِهِمْ } [ التوبة : 14 ] ويذلهم بالقهر والقمع ، { وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ } [ التوبة : 14 ] بالظفر بها ، { وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ } [ التوبة : 14 ] أي : الأرواح والقلوب المؤمنة بانتقامهم من النفوس الكافرة الناكثة العهود ، { وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ } [ التوبة : 15 ] يعني : وحشتها وكدورتها ، { وَيَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ } [ التوبة : 15 ] من النفوس إلى الرجوع إلى الحق قبل التمادي من غير احتياج برياضة شديدة ، { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ } [ التوبة : 15 ] بالنفوس التي ترجع بالشريعة إلى الحق والتي تتمادي في الباطل ، { حَكِيمٌ } [ التوبة : 15 ] فيما حكم ودبر في كليتها . ثم أخبر عن لزوم الجهاد مع أهل العناد بقوله تعالى : { أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ } [ التوبة : 16 ] الإشارة فيها أم حسبتهم أيتها النفوس الأمارة بالسوء أن تتركوا بلا رياضة ومجاهدة ، { وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ } [ التوبة : 16 ] بترك الهوى وشهوات الدنيا ، { وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ التوبة : 16 ] يعني : الأرواح والقلوب ، { وَلِيجَةً } [ التوبة : 16 ] أولياء من الشيطان والدنيا والهوى ، { وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } [ التوبة : 16 ] من التوجه إلى الحق بالصدق مخلصاً ومستوياً بالأعراض والعلل . ثم أخبر عن أحوال الأعمال مردودها ومقبولها بقوله تعالى : { مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَٰجِدَ ٱللهِ } [ التوبة : 17 ] إلى قوله : { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } [ التوبة : 19 ] الإشارة فيها { مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ } إشارة إلى النفوس الأمارة بالسوء المشركة التي تعبد الهوى والدنيا وشهواتها يعني : ما كان من شيمة أمارتها عمارة مسجد الله وهي القلوب ، وهم { شَٰهِدِينَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ } [ التوبة : 17 ] يعني : وهم مقرون على ما جبلت عليه النفوس من التمرد وتعبد الهوى ، { أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَٰلُهُمْ } [ التوبة : 17 ] أي : صدرت عنهم رياءً وسمعة ، { وَفِي ٱلنَّارِ } [ التوبة : 17 ] أي : نار البعد والقطيعة ، { هُمْ خَٰلِدُونَ } [ التوبة : 17 ] { إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَٰجِدَ ٱللَّهِ } [ التوبة : 18 ] أي : يعمر مساجد القلوب ويزينها من النفوس { مَنْ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } [ التوبة : 18 ] أي : صدق بأن المقصود والمعبود هو الله لا الدنيا وشهواتها الفانية وعمل نيل السعادة الأخروية الباقية ، { وَأَقَامَ ٱلصَّلَٰوةَ وَءَاتَىٰ ٱلزَّكَٰوةَ } [ التوبة : 18 ] أي : أدام المناجاة مع الله بصدق القلب ، وأدى حق التزكية عن الأخلاق الذميمة والأوصاف الرديئة ، فإن بها عمارة القلوب ، { وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ ٱللَّهَ } [ التوبة : 18 ] أي : لم يخف من فوات الحظوظ الدنياوية في طلب الله ، وإنما يخاف فوات الحقوق الإلهية ، { فَعَسَىٰ أُوْلَـٰئِكَ } [ التوبة : 18 ] يعني : النفوس عقب هذه الأحوال ، { أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُهْتَدِينَ } [ التوبة : 18 ] من الله إلى الله ، { أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ ٱلْحَاجِّ } [ التوبة : 19 ] يشير إلى المستخدمين من هذه الطائفة الذين ينصبون نفوسهم لخدمة أرباب الطلب ولهم أغراض فاسدة ، يقول : أتجعلون هذه الخدمة المنسوبة بالأغراض . { وَعِمَارَةَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } [ التوبة : 19 ] أي : الأعمال الموجبة بعمارة القلوب إذا كانت خالصة عن الرياء والأغراض من الزهد والتصوف والتقيد بالمشوبات بالرياء والهوى ، { كَمَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } [ التوبة : 19 ] أي : مساوياً إيمانه واعتقاده طلب الله تعالى وهو مجاهد في السير إلى الله ، { لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } [ التوبة : 19 ] الذين يضعون الأعمال الصالحة في غير موضعها رياءً وسمعه إلى حضرة جلاله .