Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 3-4)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مبيناً لربوبيته وإلهيته وعظمته : { إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } مع أنه قادر على خلقها في لحظة واحدة ، ولكن لما له في ذلك من الحكمة الإلهية ، ولأنه رفيق في أفعاله . ومن جملة حكمته فيها ، أنه خلقها بالحق وللحق ، ليعرف بأسمائه وصفاته ويفرد بالعبادة . { ثُمَّ } بعد خلق السماوات والأرض { ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } استواء يليق بعظمته . { يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ } في العالم العلوي والسفلي ، من الإماتة والإحياء ، وإنزال الأرزاق ، ومداولة الأيام بين الناس ، وكشف الضر عن المضرورين ، وإجابة سؤال السائلين . فأنواع التدابير نازلة منه وصاعدة إليه ، وجميع الخلق مذعنون لعزّه ، خاضعون لعظمته وسلطانه . { مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ } فلا يقدم أحد منهم على الشفاعة ، ولو كان أفضل الخلق ، حتى يأذن الله ولا يأذن ، إلا لمن ارتضى ، ولا يرتضي إلا أهل الإخلاص والتوحيد له . { ذٰلِكُمُ } الذي هذا شأنه { ٱللَّهُ رَبُّكُمْ } أي : هو الله الذي له وصف الإلهية الجامعة لصفات الكمال ، ووصف الربوبية الجامع لصفات الأفعال . { فَٱعْبُدُوهُ } أي : أفردوه بجميع ما تقدرون عليه من أنواع العبودية ، { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } الأدلة الدالة على أنه وحده المعبود المحمود ، ذو الجلال والإكرام . فلما ذكر حكمه القدري وهو التدبير العام ، وحكمه الديني وهو شرعه ، الذي مضمونه ومقصوده عبادته وحده لا شريك له ، ذكر الحكم الجزائي ، وهو مجازاته على الأعمال بعد الموت ، فقال : { إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً } أي : سيجمعكم بعد موتكم ، لميقات يوم معلوم . { إِنَّهُ يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ } فالقادر على ابتداء الخلق قادر على إعادته ، والذي يرى ابتداءه بالخلق ، ثم ينكر إعادته للخلق ، فهو فاقد العقل منكر لأحد المثلين مع إثبات ما هو أولى منه ، فهذا دليل عقلي واضح على المعاد . وقد ذكر الدليل النقلي فقال : { وَعْدَ ٱللَّهِ حَقّاً } أي : وعده صادق لا بد من إتمامه . { لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بقلوبهم بما أمرهم الله بالإيمان به . { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } بجوارحهم ، من واجبات ، ومستحبات ، { بِٱلْقِسْطِ } أي : بإيمانهم وأعمالهم ، جزاء قد بينه لعباده ، وأخبر أنه لا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بآيات الله وكذبوا رسل الله . { لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ } أي : ماء حار ، يشوي الوجوه ، ويقطع الأمعاء . { وَعَذَابٌ أَلِيمٌ } من سائر أصناف العذاب { بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ } أي : بسبب كفرهم وظلمهم ، وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون .