Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 42-44)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى عن بعض المكذبين للرسول ولما جاء به ، { وَ } أن { مِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُونَ } إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقت قراءته للوحي ، لا على وجه الاسترشاد ، بل على وجه التفرج والتكذيب وتطلب العثرات ، وهذا استماع غير نافع ولا مُجدٍ على أهله خيراً ، لا جرم انسد عليهم باب التوفيق ، وحرموا من فائدة الاستماع ، ولهذا قال : { أَفَأَنتَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ } وهذا الاستفهام بمعنى النفي المتقرر ، أي : لا تسمع الصم الذين لا يستمعون القول ولو جهرت به ، وخصوصاً إذا كان عقلهم معدوماً . فإذا كان من المحال إسماع الأصم الذي لا يعقل للكلام ، فهؤلاء المكذبون ، كذلك ممتنع إسماعك إياهم إسماعاً ينتفعون به . وأما إسماع الحجة ، فقد سمعوا ما تقوم عليهم به حجة الله البالغة ، فهذا طريق عظيم من طرق العلم قد انسد عليهم ، وهو طريق المسموعات المتعلقة بالخير . ثم ذكر انسداد الطريق الثاني ، وهو : طريق النظر فقال : { وَمِنهُمْ مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ } فلا يفيده نظره إليك ، ولا سبر أحوالك شيئاً ، فكما أنك لا تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون ، فكذلك لا تهدي هؤلاء . فإذا فسدت عقولهم وأسماعهم وأبصارهم التي هي الطرق الموصلة إلى العلم ومعرفة الحقائق ، فأين الطريق الموصل لهم إلى الحق ؟ ودل قوله : { وَمِنهُمْ مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ } الآية ، أن النظر إلى حالة النبي صلى الله عليه وسلم وهديه وأخلاقه وأعماله وما يدعو إليه من أعظم الأدلة على صدقه وصحة ما جاء به ، وأنه يكفي البصير عن غيره من الأدلة . وقوله : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ ٱلنَّاسَ شَيْئاً } فلا يزيد في سيئاتهم ، ولا ينقص من حسناتهم . { وَلَـٰكِنَّ ٱلنَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } يجيئهم الحق فلا يقبلونه ، فيعاقبهم الله بعد ذلك بالطبع على قلوبهم ، والختم على أسماعهم وأبصارهم .