Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 110-113)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى أنه آتى موسى الكتاب الذي هو التوراة ، الموجب للاتفاق على أوامره ونواهيه ، والاجتماع ، ولكن مع هذا فإن المنتسبين إليه ، اختلفوا فيه اختلافاً أضر بعقائدهم وبجامعتهم الدينية . { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ } بتأخيرهم ، وعدم معاجلتهم بالعذاب { لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } بإحلال العقوبة بالظالم ، ولكنه تعالى اقتضت حكمته أن أخر القضاء بينهم إلى يوم القيامة ، وبقوا في شك منه مريب . وإذا كانت هذه حالهم مع كتابهم فمع القرآن الذي أوحاه الله إليك غير مستغرب من طائفة اليهود ، أن لا يؤمنوا به ، وأن يكونوا في شك منه مريب . { وَإِنَّ كُـلاًّ لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ } أي : لا بد أن الله يقضي بينهم يوم القيامة بحكمه العدل فيجازي كلا بما يستحقه . { إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ } من خير وشر { خَبِيرٌ } فلا يخفى عليه شيء من أعمالهم دقيقها وجليلها . ثم لما أخبر بعدم استقامتهم التي أوجبت اختلافهم وافتراقهم ، أمر نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم ومن معه من المؤمنين أن يستقيموا كما أمروا ، فيسلكوا ما شرعه الله من الشرائع ، ويعتقدوا ما أخبر الله به من العقائد الصحيحة ، ولا يزيغوا عن ذلك يمنة ولا يسرة ، ويدوموا على ذلك ، ولا يطغوا بأن يتجاوزوا ما حده الله لهم من الاستقامة . وقوله : { إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } أي : لا يخفى عليه من أعمالكم شيء ، وسيجازيكم عليها ، ففيه ترغيب لسلوك الاستقامة وترهيب من ضدها ، ولهذا حذرهم عن الميل إلى من تعدى الاستقامة فقال : { وَلاَ تَرْكَنُوۤاْ } أي : لا تميلوا { إِلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } فإنكم إذا ملتم إليهم ووافقتموهم على ظلمهم ، أو رضيتم ما هم عليه من الظلم { فَتَمَسَّكُمُ ٱلنَّارُ } إن فعلتم ذلك { وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ } يمنعونكم من عذاب الله ، ولا يحصلون لكم شيئاً من ثواب الله . { ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ } أي : لا يدفع عنكم العذاب إذا مسكم ، ففي هذه الآية التحذير من الركون إلى كل ظالم ، والمراد بالركون الميل والانضمام إليه بظلمه وموافقته على ذلك ، والرضا بما هو عليه من الظلم . وإذا كان هذا الوعيد في الركون إلى الظلمة ، فكيف حال الظلمة بأنفسهم ؟ ! ! نسأل الله العافية من الظلم .