Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 93-98)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أي : قال يوسف عليه السلام لإخوته : { ٱذْهَبُواْ بِقَمِيصِي هَـٰذَا فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً } لأن كل داء يداوى بضده ، فهذا القميص - لما كان فيه أثر ريح يوسف ، الذي أودع قلب أبيه من الحزن والشوق ما الله به عليم - أراد أن يشمه ، فترجع إليه روحه ، وتتراجع إليه نفسه ، ويرجع إليه بصره ، ولله في ذلك حكم وأسرار ، لا يطلع عليها العباد ، وقد اطلع يوسف من ذلك على هذا الأمر . { وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ } أي : أولادكم وعشيرتكم وتوابعكم كلهم ، ليحصل تمام اللقاء ، ويزول عنكم نكد المعيشة ، وضنك الرزق . { وَلَمَّا فَصَلَتِ ٱلْعِيرُ } عن أرض مصر مقبلة إلى أرض فلسطين ، شمَّ يعقوب ريح القميص ، فقال : { إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ } أي : تسخرون مني ، وتزعمون أن هذا الكلام صدر مني من غير شعور ، لأنه رأى منهم من التعجب من حاله ما أوجب له هذا القول ، فوقع ما ظنه بهم فقالوا : { تَٱللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلاَلِكَ ٱلْقَدِيمِ } أي : لا تزال تائهاً في بحر الحبّ لا تدري ما تقول . { فَلَمَّآ أَن جَآءَ ٱلْبَشِيرُ } بقرب الاجتماع بيوسف وإخوته وأبيهم ، { أَلْقَاهُ } أي : القميص { عَلَىٰ وَجْهِهِ فَٱرْتَدَّ بَصِيراً } أي : رجع على حاله الأولى بصيراً ، بعد أن ابيضت عيناه من الحزن ، فقال لمن حضره من أولاده وأهله الذين كانوا يفندون رأيه ، ويتعجبون منه منتصراً عليهم ، متبجحاً بنعمة الله عليه : { أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ إِنِّيۤ أَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } حيث كنت مترجياً للقاء يوسف ، مترقباً لزوال الهم والغم والحزن . فأقروا بذنبهم ونجعوا بذلك و { قَالُواْ يٰأَبَانَا ٱسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَآ إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ } حيث فعلنا معك ما فعلنا . فـ { قَالَ } مجيباً لطلبتهم ، ومسرعاً لإجابتهم : { سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيۤ إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } أي : ورجائي به أن يغفر لكم ويرحمكم ، ويتغمدكم برحمته ، وقد قيل : إنه أخر الاستغفار لهم إلى وقت السحر الفاضل ، ليكون أتمَّ للاستغفار ، وأقرب للإجابة .