Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 99-100)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أي : { فَلَمَّا } تجهز يعقوب وأولاده وأهلهم أجمعون ، وارتحلوا من بلادهم قاصدين الوصول إلى يوسف في مصر وسكناها ، فلما وصلوا إليه ، و { دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ } أي : ضمهما إليه ، واختصهما بقربه ، وأبدى لهما من البر والإكرام والتبجيل والإعظام شيئاً عظيماً ، { وَقَالَ } لجميع أهله : { ٱدْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ آمِنِينَ } من جميع المكاره والمخاوف ، فدخلوا في هذه الحال السارة ، وزال عنهم النصب ونكد المعيشة ، وحصل السرور والبهجة . { وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى ٱلْعَرْشِ } أي : على سرير الملك ، ومجلس العزيز ، { وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدَاً } أي : أبوه ، وأمه وإخوته ، سجوداً على وجه التعظيم والتبجيل والإكرام ، { وَقَالَ } لما رأى هذه الحال ، ورأى سجودهم له : { يٰأَبَتِ هَـٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ } حين رأي أحد عشر كوكباً والشمس والقمر له ساجدين ، فهذا وقوعها الذي آلت إليه ووصلت { قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً } فلم يجعلها أضغاث أحلام . { وَقَدْ أَحْسَنَ بَيۤ } إحساناً جسيماً { إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ ٱلسِّجْنِ وَجَآءَ بِكُمْ مِّنَ ٱلْبَدْوِ } وهذا من لطفه وحسن خطابه عليه السلام ، حيث ذكر حاله في السجن ، ولم يذكر حاله في الجب ، لتمام عفوه عن إخوته ، وأنه لا يذكر ذلك الذنب ، وأن إتيانكم من البادية من إحسان الله إلي . فلم يقل : جاء بكم من الجوع والنصب ، ولا قال : " أحسَنَ بكم " بل قال { أَحْسَنَ بَيۤ } جعل الإحسان عائداً إليه ، فتبارك من يختص برحمته من يشاء من عباده ، ويهب لهم من لدنه رحمة إنه هو الوهاب ، { مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ ٱلشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِيۤ } فلم يقل " نزغ الشيطان إخوتي " بل كأن الذنب والجهل صدر من الطرفين ، فالحمد لله الذي أخزى الشيطان ودحره ، وجمعنا بعد تلك الفرقة الشاقة . { إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَآءُ } يوصل بره وإحسانه إلى العبد من حيث لا يشعر ، ويوصله إلى المنازل الرفيعة من أمور يكرهها ، { إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَلِيمُ } الذي يعلم ظواهر الأمور وبواطنها ، وسرائر العباد وضمائرهم ، { ٱلْحَكِيمُ } في وضعه الأشياء مواضعها ، وسوقه الأمور إلى أوقاتها المقدرة لها .