Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 42-43)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى : { وَقَدْ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ } برسلهم ، وبالحق الذي جاءت به الرسل ، فلم يغن عنهم مكرهم ، ولم يصنعوا شيئاً ، فإنهم يحاربون الله ويبارزونه { فَلِلَّهِ ٱلْمَكْرُ جَمِيعاً } أي : لا يقدر أحد أن يمكر مكراً إلا بإذنه ، وتحت قضائه وقدره ، فإذا كانوا يمكرون بدينه ، فإن مكرهم سيعود عليهم بالخيبة والندم ، فإن الله { يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ } أي : همومها وإراداتها وأعمالها الظاهرة والباطنة . والمكر لا بد أن يكون من كسبها ، فلا يخفى على الله مكرهم ، فيمتنع أن يمكروا مكراً يضر الحق وأهله ، ويفيدهم شيئاً ، { وَسَيَعْلَمُ ٱلْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى ٱلدَّارِ } أي : ألهم أو لرسله ؟ ومن المعلوم أن العاقبة للمتقين ، لا للكفر وأعماله . { وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً } أي : يكذبونك ، ويكذبون ما أرسلت به ، { قُلْ } لهم - إن طلبوا على ذلك شهيداً : { كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ } وشهادته بقوله وفعله وإقراره ، أما قوله فبما أوحاه الله إلى أصدق خلقه ، مما يثبت به رسالته . وأما فعله فلأن الله تعالى أيد رسوله ، ونصره نصراً خارجاً عن قدرته وقدرة أصحابه وأتباعه ، وهذا شهادة منه له بالفعل والتأييد . وأما إقراره ، فإنه أخبر الرسول عنه أنه رسوله ، وأنه أمر الناس باتباعه ، فمن اتبعه فله رضوان الله وكرامته ، ومن لم يتبعه فله النار والسخط وحل له ماله ودمه ، والله يقره على ذلك ، فلو تقول عليه بعض الأقاويل لعاجله بالعقوبة . { وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ ٱلْكِتَابِ } وهذا شامل لكل علماء أهل الكتابين ، فإنهم يشهدون للرسول ، من آمن ، واتبع الحق ، صرح بتلك الشهادة التي عليه ، ومن كتم ذلك ، فإخبار الله عنه أن عنده شهادة ، أبلغ من خبره ، ولو لم يكن عنده شهادة ، لرد استشهاده بالبرهان ، فسكوته يدل على أن عنده شهادة مكتومة . وإنما أمر الله باستشهاد أهل الكتاب ، لأنهم أهل هذا الشأن ، وكل أمر إنما يستشهد فيه أهله ، ومن هم أعلم به من غيرهم ، بخلاف من هو أجنبي عنه ، كالأميين من مشركي العرب وغيرهم ، فلا فائدة في استشهادهم لعدم خبرتهم ومعرفتهم . والله أعلم .