Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 1-3)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى أنه أنزل كتابه على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم لنفع الخلق ، ليخرج الناس من ظلمات الجهل والكفر والأخلاق السيئة وأنواع المعاصي ، إلى نور العلم والإيمان والأخلاق الحسنة ، وقوله : { بِإِذْنِ رَبِّهِمْ } أي : لا يحصل منهم المراد المحبوب لله ، إلا بإرادة من الله ومعونة ، ففيه حث للعباد على الاستعانة بربهم . ثم فسر النور الذي يهديهم إليه هذا الكتاب ، فقال : { إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ } أي : الموصل إليه وإلى دار كرامته ، المشتمل على العلم بالحق والعمل به ، وفي ذكر { ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ } بعد ذكر الصراط الموصل إليه إشارة إلى أن من سلكه فهو عزيز بعز الله ، قوي ، ولو لم يكن له أنصار إلا الله ، محمود في أموره ، حسن العاقبة . وليدل ذلك على أن صراط الله ، من أكبر الأدلة على ما لله من صفات الكمال ، ونعوت الجلال ، وأن الذي نصبه لعباده ، عزيز السلطان ، حميد في أقواله وأفعاله وأحكامه ، وأنه مألوه معبود بالعبادات التي هي منازل الصراط المستقيم ، وأنه كما أن له ملك السماوات والأرض خلقاً ورزقاً وتدبيراً ، فله الحكم على عباده بأحكامه الدينية ، لأنهم ملكه ، ولا يليق به أن يتركهم سدى ، فلما بيَّن الدليل والبرهان ، توعد من لم ينقد لذلك ، فقال : { وَوَيْلٌ لِّلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ } لا يقدر قدره ، ولا يوصف أمره ، ثم وصفهم بأنهم { ٱلَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا عَلَى ٱلآخِرَةِ } فرضوا بها واطمأنوا ، وغفلوا عن الدار الآخرة . { وَيَصُدُّونَ } الناس { عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } التي نصبها لعباده ، وبينها في كتبه وعلى ألسنة رسله ، فهؤلاء قد نابذوا مولاهم بالمعاداة والمحاربة ، { وَيَبْغُونَهَا } أي : سبيل الله { عِوَجاً } أي : يحرصون على تهجينها وتقبيحها ، للتنفير عنها ، ولكن يأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون . { أُوْلَـٰئِكَ } الذين ذكر وصفهم { فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ } لأنهم ضلوا وأضلوا ، وشاقوا الله ورسوله وحاربوهما ، فأي ضلال أبعد من هذا ؟ ! ! ، وأما أهل الإيمان فبعكس هؤلاء ، يؤمنون بالله وآياته ، ويستحبون الآخرة على الدنيا ، ويدعون إلى سبيل الله ويحسنونها مهما أمكنهم ، ويبينون استقامتها .