Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 44-46)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : { وَأَنذِرِ ٱلنَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ ٱلْعَذَابُ } أي : صِفْ لهم صفة تلك الحال وحذُرْهُمْ من الأعمال الموجبة للعذاب ، الذي حين يأتي في شدائده وقلاقله ، { فَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ } بالكفر والتكذيب وأنواع المعاصي ، نادمين على ما فعلوا ، سائلين للرجعة في غير وقتها ، { رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ } أي : رُدَّنا إلى الدنيا ، فإنا قد أبصرنا ، { نُّجِبْ دَعْوَتَكَ } والله يدعو إلى دار السلام { وَنَتَّبِعِ ٱلرُّسُلَ } وهذا كله لأجل التخلص من العذاب ، وإلا فهم كَذَبةٌ في هذا الوعد { وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ } [ الأنعام : 28 ] . ولهذا يوبخون ويقال لهم : { أَوَلَمْ تَكُونُوۤاْ أَقْسَمْتُمْ مِّن قَبْلُ مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ } عن الدنيا وانتقال إلى الآخرة ، فها قد تبين حِنْثكمْ في إقسامكم ، وكذبكم فيما تدعون ، { وَ } ليس عملكم قاصرٌ في الدنيا من أجل الآيات البينات ، بل { سَكَنتُمْ فِي مَسَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ } من أنواع العقوبات ؟ وكيف أحل الله بهم العقوبات ، حين كذبوا بالآيات البينات ، وضربنا لكم الأمثال الواضحة التي لا تدع أدنى شك في القلب إلا أزالته ، فلم تنفع فيكم تلك الآيات ، بل أعرضتم ودمتم على باطلكم ، حتى صار ما صار ، ووصلتم إلى هذا اليوم الذي لا ينفع فيه اعتذار من اعتذر بباطل . { وَقَدْ مَكَرُواْ } أي : المكذبون للرسل { مَكْرَهُمْ } الذي وصلت إرادتهم ، وقدر لهم عليه ، { وَعِندَ ٱللَّهِ مَكْرُهُمْ } أي : هو محيط به علماً وقدرة ، فإنه عاد مكرهم عليهم { وَلاَ يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ } [ فاطر : 43 ] . { وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ ٱلْجِبَالُ } أي : ولقد كان مكر الكفار المكذبين للرسل بالحق ، وبمن جاء به - من عظمه - لتزول الجبال الراسيات بسببه عن أماكنها ، أي : { وَمَكَرُواْ مَكْراً كُبَّاراً } [ نوح : 22 ] لا يقادر قدره ولكن الله رد كيدهم في نحورهم . ويدخل في هذا كل مَنْ مكر من المخالفين للرسل ، لينصر باطلاً ، أو يبطل حقاً ، والقصد أن مكرهم لم يغن عنهم شيئاً ، ولم يضروا الله شيئاً ، وإنما ضروا أنفسهم .