Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 6-9)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أي : وقال المكذبون لمحمد صلى الله عليه وسلم استهزاء وسخرية : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ ٱلذِّكْرُ } على زعمك { إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ } إذ تظن أنا سنتبعك ، ونترك ما وجدنا عليه آباءنا لمجرد قولك . { لَّوْ مَا تَأْتِينَا بِٱلْمَلائِكَةِ } يشهدون لك بصحة ما جئت به { إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } فلما لم تأت بالملائكة فلست بصادق ، وهذا من أعظم الظلم والجهل . أما الظلم فظاهر ، فإن هذا تجرؤ على الله وتعنت بتعيين الآيات التي لم يخترها ، وحصل المقصود والبرهان بدونها من الآيات الكثيرة ، الدالة على صحة ما جاء به ، وأما الجهل ، فإنهم جهلوا مصلحتهم من مضرتهم ، فليس في إنزال الملائكة ، خير لهم ، بل لا ينزل الله الملائكة إلا بالحق الذي لا إمهال على من لم يتبعه وينقد له . { وَمَا كَانُواْ إِذاً } أي : حين تنزل الملائكة ، إن لم يؤمنوا ، ولن يؤمنوا بـ { مُّنظَرِينَ } أي : بمهملين ، فصار طلبهم لإنزال الملائكة تعجيلاً لأنفسهم بالهلاك والدمار ، فإن الإيمان ليس في أيديهم ، وإنما هو بيد الله ، { وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ ٱلْمَوْتَىٰ وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُوۤاْ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ } [ الأنعام : 111 ] ويكفيهم من الآيات إن كانوا صادقين ، هذا القرآن العظيم ولهذا قال هنا : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ } أي : القرآن الذي فيه ذكرى لكل شيء ، من المسائل والدلائل الواضحة ، وفيه يتذكر من أراد التذكر ، { وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } أي : في حال إنزاله ، وبعد إنزاله ، ففي حال إنزاله حافظون له من استراق كل شيطان رجيم ، وبعد إنزاله أودعه الله في قلب رسوله ، واستودعه فيها ثم في قلوب أمته ، وحفظ الله ألفاظه من التغيير فيها والزيادة والنقص ، ومعانيه من التبديل ، فلا يحرف محرف معنى من معانيه ، إلا وقيض الله له من يبين الحق المبين ، وهذا من أعظم آيات الله ونعمه على عباده المؤمنين ، ومن حفظه أن الله يحفظ أهله من أعدائهم ، ولا يسلط عليهم عدواً يجتاحهم .