Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 30-32)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما ذكر الله قيل المكذبين بما أنزل الله ، ذكر ما قاله المتقون ، وأنهم اعترفوا وأقروا بأن ما أنزله الله نعمة عظيمة ، وخير عظيم امتن الله به على العباد ، فقبلوا تلك النعمة ، وتلقوها بالقبول والانقياد ، وشكروا الله عليها ، فعلموها وعملوا لها { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ } في عبادة الله تعالى ، وأحسنوا إلى عباد الله ، فلهم { فِي هٰذِهِ ٱلْدُّنْيَا حَسَنَةٌ } رزق واسع ، وعيشه هنية ، وطمأنينة قلب ، وأمن وسرور . { وَلَدَارُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ } من هذه الدار ، وما فيها من أنواع اللذات والمشتهيات ، فإن هذه نعيمها قليل ، محشو بالآفات منقطع ، بخلاف نعيم الآخرة ، ولهذا قال : { وَلَنِعْمَ دَارُ ٱلْمُتَّقِينَ } { جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآؤونَ } أي : مهما تمنته أنفسهم ، وتعلقت به إرادتهم ، حصل لهم على أكمل الوجوه وأتمها ، فلا يمكن أن يطلبوا نوعاً من أنواع النعيم الذي فيه لذة القلوب وسرور الأرواح ، إلا وهو حاضر لديهم ، ولهذا يعطي الله أهل الجنة كل ما تمنوه عليه ، حتى إنه يُذَكِّرهُم أشياء من النعيم لم تخطر على قلوبهم . فتبارك الذي لا نهاية لكرمه ، ولا حد لجوده ، الذي ليس كمثله شيء في صفات ذاته ، وصفات أفعاله وآثار تلك النعوت ، وعظمة الملك والملكوت ، { كَذَلِكَ يَجْزِي ٱللَّهُ ٱلْمُتَّقِينَ } لسخط الله وعذابه بأداء ما أوجبه عليهم من الفروض والواجبات ، المتعلقة بالقلب والبدن واللسان ، من حقه وحق عباده ، وترك ما نهاهم الله عنه . { ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ } مستمرين على تقواهم { طَيِّبِينَ } أي : طاهرين مطهرين من كل نقص ودنس يتطرق إليهم ، ويخل في إيمانهم ، فطابت قلوبهم بمعرفة الله ومحبته ، وألسنتهم بذكره والثناء عليه ، وجوارحهم بطاعته والإقبال عليه ، { يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ } أي : التحية الكاملة حاصلة لكم ، والسلامة من كل آفة . وقد سلمتم من كل ما تكرهون { ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } من الإيمان بالله والانقياد لأمره ، فإن العمل هو السبب والمادة والأصل في دخول الجنة والنجاة من النار ، وذلك العمل حصل لهم برحمة الله ومنته عليهم ، لا بحولهم وقوتهم .