Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 91-92)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وهذا يشمل جميع ما عاهد العبد عليه ربه ، من العبادات والنذور والأيمان التي عقدها ، إذا كان الوفاء بها براً ، ويشمل أيضاً ما تعاقد عليه هو وغيره ، كالعهود بين المتعاقدين ، وكالوعد الذي يعده العبد لغيره ، ويؤكده على نفسه ، فعليه في جميع ذلك الوفاء وتتميمها مع القدرة ، ولهذا نهى الله عن نقضها فقال : { وَلاَ تَنقُضُواْ ٱلأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا } بعقدها على اسم الله تعالى : { وَقَدْ جَعَلْتُمُ ٱللَّهَ عَلَيْكُمْ } أيها المتعاقدون { كَفِيلاً } فلا يحل لكم أن لا تحكموا ما جعلتم الله عليكم كفيلاً ، فيكون ذلك ترك تعظيم الله واستهانة به ، وقد رضي الآخر منك باليمين ، والتوكيد الذي جعلت الله فيه كفيلاً . فكما ائتمنك وأحسن ظنه فيك ، فلتف له بما قلته وأكدته . { إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } يجازي كل عامل بعمله ، على حسب نيته ومقصده . { وَلاَ تَكُونُواْ } في نقضكم للعهود بأسوأ الأمثال وأقبحها وأدلها على سفه متعاطيها ، وذلك { كَٱلَّتِي } تغزل غزلاً قوياً ، فإذا استحكم وتم ما أريد منه نقضته فجعلته { أَنكَاثاً } فتعبت على الغزل ، ثم على النقض ، ولم تستفد سوى الخيبة والعناء ، وسفاهة العقل ، ونقص الرأي ، فكذلك من نقض ما عاهد عليه ، فهو ظالم جاهل سفيه ، ناقص الدين والمروءة . وقوله : { تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَىٰ مِنْ أُمَّةٍ } أي : لا تنبغي هذه الحالة منكم ، تعقدون الأيمان المؤكدة ، وتنتظرون فيها الفرص ، فإذا كان العاقد لها ضعيفاً غير قادر على الآخر ، أتمها ، لا لتعظيم العقد واليمين ، بل لعجزه . وإن كان قوياً ، يرى مصلحته الدنيوية في نقضها ، نقضها غير مبال بعهد الله ويمينه . كل ذلك دوراناً مع أهوية النفوس ، وتقديماً لها على مراد الله منكم ، وعلى المروءة الإنسانية ، والأخلاق المرضية ، لأجل أن تكون أمة أكثر عدداً وقوة من الأخرى . وهذا ابتلاء من الله وامتحان يبتليكم الله به ، حيث قيض من أسباب المحن ما يمتحن به الصادق الوفي من الفاجر الشقي . { وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } فيجازي كلاً بما عمل ، ويخزي الغادر .