Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 18-21)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى أن { مَّن كَانَ يُرِيدُ } الدنيا { ٱلْعَاجِلَةَ } المنقضية الزائلة ، فعمل لها وسعى ، ونسي المبتدأ أو المنتهى ، أن الله يُعجل له من حطامها ومتاعها ما يشاؤه ويريده ، مما كتب [ الله ] له في اللوح المحفوظ ، ولكنه متاع غير نافع ولا دائم له . ثم يجعل له في الآخرة { جَهَنَّمَ يَصْلاهَا } أي : يباشر عذابها ، { مَذْمُوماً مَّدْحُوراً } أي : في حالة الخزي والفضيحة والذم من الله ومن خلقه ، والبعد عن رحمة الله ، فيجمع له بين العذاب والفضيحة . { وَمَنْ أَرَادَ ٱلآخِرَةَ } فرضيها وآثرها على الدنيا { وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا } الذي دعت إليه الكتب السماوية ، والآثار النبوية ، فعمل بذلك على قدر إمكانه { وَهُوَ مُؤْمِنٌ } بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر . { فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً } أي : مقبولاً مُنَمَّى مدخراً لهم أجرهم وثوابهم عند ربهم . ومع هذا ، فلا يفوتهم نصيبهم من الدنيا ، فكلاً يمده الله منها ، لأنه عطاؤه وإحسانه . { وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً } أي : ممنوعاً من أحد ، بل جميع الخلق راتعون بفضله وإحسانه . { ٱنظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } في الدنيا ، بسعة الأرزاق وقلتها ، واليسر والعسر ، والعلم والجهل ، والعقل والسفه ، وغير ذلك من الأمور التي فضل الله العباد بعضهم على بعض بها . { وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً } فلا نسبة لنعيم الدنيا ولذاتها إلى الآخرة بوجه من الوجوه . فكم بين من هو في الغرف العاليات ، واللذات المتنوعات ، والسرور والخيرات والأفراح ، ممن هو يتقلب في الجحيم ، ويعذب بالعذاب الأليم ، وقد حل عليه سخط الرب الرحيم ، وكل من الدارين بين أهلها من التفاوت ما لا يمكن أحداً عدّه .