Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 26-30)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى : { وَآتِ ذَا ٱلْقُرْبَىٰ حَقَّهُ } من البر والإكرام ، الواجب والمسنون ، وذلك الحق ، يتفاوت بتفاوت الأحوال ، والأقارب ، والحاجة وعدمها ، والأزمنة . { وَٱلْمِسْكِينَ } آته حقه من الزكاة ومن غيرها ، لتزول مسكنته ، { وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ } وهو الغريب المنقطع به عن بلده ، فيعطي الجميع من المال ، على وجه لا يضر المعطي ، ولا يكون زائداً على المقدار اللائق ، فإن ذلك تبذير ، قد نهى الله عنه وأخبر : { إِنَّ ٱلْمُبَذِّرِينَ كَانُوۤاْ إِخْوَانَ ٱلشَّيَاطِينِ } لأن الشيطان لا يدعو إلا إلى كل خصلة ذميمة ، فيدعو الإنسان إلى البخل والإمساك ، فإذا عصاه ، دعاه إلى الإسراف والتبذير . والله تعالى ، إنما يأمر بأعدل الأمور وأقسطها ويمدح عليه ، كما في قوله عن عباد الرحمن الأبرار { وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً } [ الفرقان : 67 ] . وقال هنا : { وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ } كناية عن شدة الإمساك والبخل . { وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ ٱلْبَسْطِ } فتنفق فيما لا ينبغي ، أو زيادة على ما ينبغي . { فَتَقْعُدَ } إن فعلت ذلك { مَلُوماً } أي : تلام على ما فعلت { مَّحْسُوراً } أي : حاسر اليد فارغها ، فلا بقي ما في يدك من المال ولا خلفه مدح وثناء . وهذا الأمر بإيتاء ذي القربى ، مع القدرة والغنى ، فأما مع العدم ، أو تعسر النفقة الحاضرة ، فأمر تعالى أن يُردُّوا ردّاً جميلاً فقال : { وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ٱبْتِغَآءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا } أي : تعرض عن إعطائهم إلى وقتٍ آخر ، ترجو فيه من الله تيسير الأمر . { فَقُل لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُوراً } أي : لطيفاً برفق ، ووعد بالجميل ، عند سنوح الفرصة ، واعتذار بعدم الإمكان في الوقت الحاضر ، لينقلبوا عنك مطمئنة خواطرهم ، كما قال تعالى : { قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى } [ البقرة : 263 ] . وهذا أيضاً من لطف الله تعالى بالعباد ، أمرهم بانتظار الرحمة والرزق منه ، لأن انتظار ذلك عبادة ، وكذلك وَعْدُهُمْ بالصدقة والمعروف عند التيسر ، عبادة حاضرة ، لأن الهم بفعل الحسنة حسنة ، ولهذا ينبغي للإنسان أن يفعل ما يقدر عليه من الخير ، وينوي فعل ما لم يقدر عليه ، ليثاب على ذلك ، ولعل الله ييسر له [ بسبب رجائه ] . ثم أخبر تعالى أنه يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ، ويقدره ويضيقه على من يشاء حكمة منه ، { إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً } فيجزيهم على ما يعلمه صالحاً لهم ، ويدبرهم بلطفه وكرمه .