Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 19, Ayat: 37-38)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لما بين تعالى حال عيسى بن مريم الذي لا يُشَكُّ فيها ولا يمترى ، أخبر أن الأحزاب ، أي : فرق الضلال ، من اليهود والنصارى وغيرهم ، على اختلاف طبقاتهم اختلفوا في عيسى عليه السلام ، فمن غالٍ فيه وجافٍ ، فمنهم من قال : إنه الله ، ومنهم من قال : إنه ابن الله ومنهم من قال : إنه ثالث ثلاثة ومنهم من لم يجعله رسولاً ، بل رماه بأنه ولد بغيٍّ كاليهود … وكل هؤلاء أقوالهم باطلة ، وآراؤهم فاسدة ، مبنية على الشك والعناد ، والأدلة الفاسدة ، والشبه الكاسدة ، وكل هؤلاء مستحقون للوعيد الشديد ، ولهذا قال : { فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ } بالله ورسله وكتبه ، ويدخل فيهم اليهود والنصارى ، القائلون بعيسى قول الكفر { مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ } أي : مشهد يوم القيامة ، الذي يشهده الأولون والآخرون ، أهل السماوات وأهل الأرض ، الخالق والمخلوق ، الممتلئ بالزلازل والأهوال ، المشتمل على الجزاء بالأعمال ، فحينئذ يتبين ما كانوا يخفون ويبدون ، وما كانوا يكتمون . { أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا } أي : ما أسمعهم وما أبصرهم في ذلك اليوم ! فيقرون بكفرهم وشركهم وأقوالهم ، ويقولون : { رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَٱرْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ } [ السجدة : 12 ] ففي القيامة ، يستيقنون حقيقة ما هم عليه . { لَـٰكِنِ ٱلظَّالِمُونَ ٱلْيَوْمَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } وليس لهم عذر في هذا الضلال ، لأنهم بين معاند ضال على بصيرة ، عارف بالحق صادف عنه ، وبين ضال عن طريق الحق ، متمكن من معرفة الحق والصواب ، ولكنه راض بضلاله وما هو عليه من سوء أعماله ، غير ساع في معرفة الحق من الباطل ، وتأمل كيف قال : { فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ } بعد قوله { فَٱخْتَلَفَ ٱلأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ } ولم يقل " فويل لهم " ليعود الضمير إلى الأحزاب ، لأن من الأحزاب المختلفين ، طائفة أصابت الصواب ، ووافقت الحق ، فقالت في عيسى : " إنه عبد الله ورسوله " فآمنوا به ، واتبعوه ، فهؤلاء مؤمنون ، غير داخلين في هذا الوعيد ، فلهذا خص الله بالوعيد الكافرين .