Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 88-95)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وهذا تقبيح وتشنيع لقول المعاندين الجاحدين ، الذين زعموا أن الرحمن اتخذ ولداً ، كقول النصارى : المسيح ابن الله ، واليهود : عزير ابن الله ، والمشركين : الملائكة بنات الله ، تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً . { لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً } أي : عظيماً وخيماً ، من عظيم أمره أنه { تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ } على عظمتها وصلابتها { يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ } أي : من هذا القول { وَتَنشَقُّ ٱلأَرْضُ } منه ، أي : تتصدع وتنفطر { وَتَخِرُّ ٱلْجِبَالُ هَدّاً } أي : تندك الجبال ، { أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَـٰنِ } أي : من أجل هذه الدعوى القبيحة تكاد هذه المخلوقات ، أن يكون منها ما ذكر . والحال أنه : { مَا يَنبَغِي } أي : لا يليق ولا يكون { لِلرَّحْمَـٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً } وذلك لأن اتخاذه الولد ، يدل على نقصه واحتياجه ، وهو الغني الحميد . والولد أيضاً ، من جنس والده ، والله تعالى لا شبيه له ولا مثل ولا سَمِيَّ . { إِن كُلُّ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ إِلاَّ آتِي ٱلرَّحْمَـٰنِ عَبْدا } أي : ذليلاً منقاداً ، غير متعاص ولا ممتنع ، الملائكة ، والإنس ، والجن وغيرهم ، الجميع مماليك ، متصرف فيهم ، ليس لهم من الملك شيء ، ولا من التدبير شيء ، فكيف يكون له ولد ، وهذا شأنه وعظمة ملكه ؟ ! ! { لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً } أي : لقد أحاط علمه بالخلائق كلهم ، أهل السماوات والأرض ، وأحصاهم وأحصى أعمالهم ، فلا يضل ولا ينسى ، ولا تخفى عليه خافية . { وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَرْداً } أي : لا أولاد ، ولا مال ، ولا أنصار ، ليس معه إلا عمله ، فيجازيه الله ويوفيه حسابه ، إن خيراً فخير ، وإن شراً فشر ، كما قال تعالى : { وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَٰدَىٰ كَمَا خَلَقْنَٰكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } [ الأنعام : 94 ] .