Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 106-107)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

النسخ : هو النقل ، فحقيقة النسخ نقل المكلفين من حكم مشروع إلى حكم آخر ، أو إلى إسقاطه ، وكان اليهود ينكرون النسخ ويزعمون أنه لا يجوز ، وهو مذكور عندهم في التوراة ، فإنكارهم له كفر وهوى محض . فأخبر الله تعالى عن حكمته في النسخ ، وأنه ما ينسخ من آية { أَوْ نُنسِهَا } أي : ننسها العباد ، فنزيلها من قلوبهم ، { نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا } وأنفع لكم { أَوْ مِثْلِهَا } . فدلَّ على أن النسخ لا يكون لأقل مصلحة لكم من الأول ، لأن فضله تعالى يزداد خصوصاً على هذه الأمة ، التي سهل عليها دينها غاية التسهيل . وأخبر أن من قدح في النسخ فقد قدح في ملكه وقدرته فقال : { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } . فإذا كان مالكاً لكم ، متصرفاً فيكم تصرف المالك البر الرحيم في أقداره وأوامره ونواهيه ، فكما أنه لا حجر عليه في تقدير ما يقدره على عباده من أنواع التقادير ، كذلك لا يعترض عليه فيما يشرعه لعباده من الأحكام . فالعبد مدبر مسخر تحت أوامر ربه الدينية والقدرية ، فما له والاعتراض ؟ وهو أيضاً ولي عباده ونصيرهم ، فيتولاهم في تحصيل منافعهم ، وينصرهم في دفع مضارهم ، فمن ولايته لهم أن يشرِّع لهم من الأحكام ما تقتضيه حكمته ورحمته بهم . ومن تأمَّل ما وقع في القرآن والسنة من النسخ ، عرف بذلك حكمة الله ورحمته عباده ، وإيصالهم إلى مصالحهم من حيث لا يشعرون بلطفه .