Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 11-12)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أي : إذا نُهي هؤلاء المنافقون عن الإفساد في الأرض ، وهو العمل بالكفر والمعاصي ، ومنه إظهارُ سرائر المؤمنين لعدوهم وموالاتهم للكافرين { لأَرْضِ قَالُوۤاْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ } فجمعوا بين العمل بالفساد في الأرض ، وإظهارهم أنه ليس بإفساد بل هو إصلاح ، قلباً للحقائق وجمعاً بين فعل الباطل واعتقاده حقاً ، وهذا أعظم جناية ممن يعمل بالمعصية ، مع اعتقاد أنها معصية ، فهذا أقرب للسلامة ، وأرجى لرجوعه . ولما كان في قولهم : { إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ } حصرٌ للإصلاح في جانبهم - وفي ضمنه أن المؤمنين ليسوا من أهل الإصلاح - قلبَ الله عليهم دعواهم بقوله : { أَلاۤ إِنَّهُمْ هُمُ ٱلْمُفْسِدُونَ } فإنه لا أعظم فساداً ممن كفر بآيات الله ، وصدَّ عن سبيل الله ، وخادع الله وأولياءه ، ووالى المحاربين لله ورسوله ، وزعم مع ذلك أن هذا إصلاح ، فهل بعد هذا الفساد فساد ؟ ! ! ولكن لا يعلمون علماً ينفعهم ، وإن كانوا قد علموا بذلك علماً تقوم به عليهم حجة الله ، وإنما كان العمل بالمعاصي في الأرض إفساداً ، لأنه يتضمن فساد ما على وجه الأرض من الحبوب والثمار والأشجار والنبات ، بما يحصل فيها من الآفات بسبب المعاصي ، ولأن الإصلاح في الأرض أن تعمرَ بطاعة الله والإيمان به ، لهذا خلق الله الخلق ، وأسكنهم في الأرض ، وأدرَّ لهم الأرزاق ، ليستعينوا بها على طاعته [ وعبادته ] ، فإذا عمل فيها بضده ، كان سعياً بالفساد فيها ، وإخراباً لها عما خلقت له .