Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 127-129)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أي : واذكر إبراهيم وإسماعيل في حالة رفعهما القواعد من البيت الأساس ، واستمرارهما على هذا العمل العظيم ، وكيف كانت حالهما من الخوف والرجاء ، حتى إنهما مع هذا العمل دعوا الله أن يتقبَّل منهما عَمَلهما ، حتى يحصل فيه النفع العميم . ودعوا لأنفسهما ، وذريتهما بالإسلام ، الذي حقيقته خضوع القلب ، وانقياده لربه المتضمن لانقياد الجوارح . { وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا } أي : علمناها على وجه الإراءة والمشاهدة ، ليكون أبلغ . يحتمل أن يكون المراد بالمناسك : أعمال الحج كلها ، كما يدل عليه السياق والمقام ، ويحتمل أن يكون المراد ما هو أعم من ذلك وهو الدين كله والعبادات كلها ، كما يدل عليه عموم اللفظ ، لأن النسك : التعبد ، ولكن غلب على متعبدات الحج تغليباً عرفياً ، فيكون حاصل دعائهما يرجع إلى التوفيق للعلم النافع ، والعمل الصالح ، ولما كان العبد - مهما كان - لا بد أن يعتريه التقصير ويحتاج إلى التوبة ، قالا : { وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ } . { رَبَّنَا وَٱبْعَثْ فِيهِمْ } أي : في ذريتنا { رَسُولاً مِّنْهُمْ } ليكون أرفع لدرجتهما ، ولينقادوا له ، وليعرفوه حقيقة المعرفة . { يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَٰتِكَ } لفظا ، وحفظا ، وتحفيظاً ، { وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ } معنًى . { وَيُزَكِّيهِمْ } بالتربية على الأعمال الصالحة ، والتبري من الأعمال الردية التي لا تزكي النفوس معها { إِنَّكَ أَنتَ ٱلعَزِيزُ } أي : القاهر لكل شيء ، الذي لا يمتنع على قوته شيء { ٱلحَكِيمُ } الذي يضع الأشياء مواضعها ، فبعزتك وحكمتك ابعث فيهم هذا الرسول ، فاستجاب الله لهما فبعث الله هذا الرسول الكريم ، الذي رحم الله به ذريتهما خاصة ، وسائر الخلق عامة ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : " أنا دَعْوَةُ أبي إبراهيم " . ولما عظم الله إبراهيم هذا التعظيم ، وأخبر عن صفاته الكاملة ، قال تعالى : { وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ ٱصْطَفَيْنَاهُ فِي ٱلدُّنْيَا … } .