Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 14-15)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا من قولهم بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ، و [ ذلك ] أنهم إذا اجتمعوا بالمؤمنين أظهروا أنهم على طريقتهم وأنهم معهم ، فإذا خلوا إلى شياطينهم - أي : رؤسائهم وكبرائهم في الشر - قالوا : إنا معكم في الحقيقة ، وإنما نحن مستهزؤون بالمؤمنين بإظهارنا لهم ، أنَّا على طريقتهم ، فهذه حالهم الباطنة والظاهرة ، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله . قال تعالى : { ٱللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } وهذا جزاء لهم على استهزائهم بعباده ، فمن استهزائه بهم أن زيَّن لهم ما كانوا فيه من الشقاء والحالة الخبيثة ، حتى ظنُّوا أنهم مع المؤمنين ، لما لم يُسلِّط الله المؤمنين عليهم ، ومن استهزائه بهم يوم القيامة ، أنه يعطيهم مع المؤمنين نوراً ظاهراً ، فإذا مشى المؤمنون بنورهم طفئ نور المنافقين ، وبَقُوا في الظلمة بعد النور متحيرين ، فما أعظم اليأس بعد الطمع ، { يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَٱرْتَبْتُمْ } الآية [ الحديد : 14 ] . قوله : { وَيَمُدُّهُمْ } أي : يزيدهم { فِي طُغْيَانِهِمْ } أي : فجورهم وكفرهم ، { يَعْمَهُونَ } أي : حائرون مترددون ، وهذا من استهزائه تعالى بهم . ثم قال تعالى كاشفا عن حقيقة أحوالهم : { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلضَّلَـٰلَةَ بِٱلْهُدَىٰ فَمَا رَبِحَتْ … } .