Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 212-212)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى أن الذين كفروا بالله وبآياته ورسله ولم ينقادوا لشرعه ، أنهم زينت لهم الحياة الدنيا ، فزينت في أعينهم وقلوبهم ، فرضوا بها واطمأنوا بها ، وصارت أهواؤهم وإراداتهم وأعمالهم كلها لها ، فأقبلوا عليها ، وأكبوا على تحصيلها ، وعظموها وعظموا من شاركهم في صنيعهم ، واحتقروا المؤمنين واستهزأوا بهم ، وقالوا : أهؤلاء منَّ الله عليهم من بيننا ؟ وهذا من ضعف عقولهم ونظرهم القاصر ، فإن الدنيا دار ابتلاء وامتحان ، وسيحصل الشقاء فيها لأهل الإيمان والكفران ، بل المؤمن في الدنيا وإن ناله مكروه ، فإنه يصبر ويحتسب ، فيخفف الله عنه بإيمانه وصبره ما لا يكون لغيره . وإنما الشأن كل الشأن والتفضيل الحقيقي في الدار الباقية ، فلهذا قال تعالى : { وَٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } فيكون المتقون في أعلى الدرجات ، متمتعين بأنواع النعيم والسرور والبهجة والحبور . والكفار تحتهم في أسفل الدركات ، معذبين بأنواع العذاب والإهانة ، والشقاء السرمدي الذي لا منتهى له ، ففي هذه الآية تسلية للمؤمنين ، ونعي على الكافرين . ولما كانت الأرزاق الدنيوية والأخروية لا تحصل إلا بتقدير الله ، ولن تنال إلا بمشيئة الله ، قال تعالى : { وَٱللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } فالرزق الدنيوي يحصل للمؤمن والكافر ، وأما رزق القلوب من العلم والإيمان ، ومحبة الله وخشيته ورجائه ، ونحو ذلك ، فلا يعطيها إلا من يحب .