Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 213-213)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أي : كان الناس [ أي : كانوا مجتمعين على الهدى ، وذلك عشرة قرون بعد نوح عليه السلام ، فلما اختلفوا في الدين فكفر فريق منهم وبقي الفريق الآخر على الدين ، وحصل النزاع وبعث الله الرسل ليفصلوا بين الخلائق ويقيموا الحجة عليهم ، وقيل بل كانوا ] مجتمعين على الكفر والضلال والشقاء ، ليس لهم نور ولا إيمان ، فرحمهم الله تعالى بإرسال الرسل إليهم { مُبَشِّرِينَ } من أطاع الله بثمرات الطاعات ، من الرزق والقوة في البدن والقلب والحياة الطيبة ، وأعلى ذلك الفوز برضوان الله والجنة . { وَمُنذِرِينَ } من عصى الله بثمرات المعصية ، من حرمان الرزق ، والضعف والإهانة ، والحياة الضيقة ، وأشد ذلك ، سخط الله والنار . { وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلْكِتَٰبَ بِٱلْحَقِّ } وهو الإخبارات الصادقة والأوامر العادلة ، فكل ما اشتملت عليه الكتب ، فهو حق يفصل بين المختلفين في الأصول والفروع ، وهذا هو الواجب عند الاختلاف والتنازع ، أن يرد الاختلاف إلى الله وإلى رسوله ، ولولا أن في كتابه وسنة رسوله فصل النزاع لما أمر بالرد إليهما . ولما ذكر نعمته العظيمة بإنزال الكتب على أهل الكتاب ، وكان هذا يقتضي اتفاقهم عليها واجتماعهم ، فأخبر تعالى أنهم بغى بعضهم على بعض ، وحصل النزاع والخصام وكثرة الاختلاف . فاختلفوا في الكتاب الذي ينبغي أن يكونوا أولى الناس بالاجتماع عليه ، وذلك من بعد ما علموه وتيقنوه بالآيات البينات والأدلة القاطعات ، فضلوا بذلك ضلالاً بعيداً . { فَهَدَى ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } من هذه الأمة { لِمَا ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ ٱلْحَقِّ } فكل ما اختلف فيه أهل الكتاب ، وأخطأوا فيه الحق والصواب ، هدى الله للحق فيه هذه الأمة { بِإِذْنِهِ } تعالى وتيسيره لهم ورحمته . { وَٱللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ } . فعمَّ الخلق تعالى بالدعوة إلى الصراط المستقيم ، عدلاً منه تعالى ، وإقامة حجة على الخلق ، لئلا يقولوا : { مَا جَآءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ } [ المائدة : 19 ] وهدى - بفضله ورحمته ، وإعانته ولطفه - من شاء من عباده ، فهذا فضله وإحسانه ، وذاك عدله وحكمته .