Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 214-214)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تبارك وتعالى أنه لا بد أن يمتحن عباده بالسراء والضراء والمشقة كما فعل بمن قبلهم ، فهي سنته الجارية التي لا تتغير ولا تتبدل ، أن من قام بدينه وشرعه لا بد أن يبتليه ، فإن صبر على أمر الله ولم يبال بالمكاره الواقفة في سبيله ، فهو الصادق الذي قد نال من السعادة كمالها ، ومن السيادة آلتها . ومن جعل فتنة الناس كعذاب الله ، بأن صدته المكاره عما هو بصدده ، وثنته المحن عن مقصده ، فهو الكاذب في دعوى الإيمان ، فإنه ليس الإيمان بالتحلي والتمني ومجرد الدعاوى ، حتى تصدقه الأعمال أو تكذبه . فقد جرى على الأمم الأقدمين ما ذكر الله عنهم { مَّسَّتْهُمُ ٱلْبَأْسَآءُ } أي : الفقر { وَٱلضَّرَّآءُ } أي : الأمراض في أبدانهم { وَزُلْزِلُواْ } بأنواع المخاوف من التهديد بالقتل ، والنفي ، وأخذ الأموال ، وقتل الأحبة ، وأنواع المضار حتى وصلت بهم الحال ، وآل بهم الزلزال ، إلى أن استبطأوا نصر الله مع يقينهم به . ولكن لشدة الأمر وضيقه قال { ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ ٱللَّهِ } . فلما كان الفرج عند الشدة ، وكلما ضاق الأمر اتسع ، قال تعالى : { أَلاۤ إِنَّ نَصْرَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ } فهكذا كل من قام بالحق فإنه يمتحن . فكلما اشتدت عليه وصعبت ، إذا صابر وثابر على ما هو عليه انقلبت المحنة في حقه منحة ، والمشقات راحات ، وأعقبه ذلك الانتصار على الأعداء ، وشفاء ما في قلبه من الداء ، وهذه الآية نظير قوله تعالى : { أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ ٱلصَّابِرِينَ } [ آل عمران : 142 ] . وقوله [ تعالى : ] { الۤـمۤ * أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتْرَكُوۤاْ أَن يَقُولُوۤاْ آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ ٱلْكَاذِبِينَ } [ العنكبوت : 1 - 3 ] فعند الامتحان يكرم المرء أو يهان .