Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 272-274)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ليس عليك هدي الخلق ، وإنما عليك البلاغ المبين ، والهداية بيد الله تعالى ، ففيها دلالة على أن النفقة كما تكون على المسلم تكون على الكافر ولو لم يهتد ، فلهذا قال : { وَمَا تُنْفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ } أي : قليل أو كثير على أي شخص كان من مسلم وكافر { فَلأَنْفُسِكُمْ } أي : نفعه راجع إليكم { وَمَا تُنْفِقُونَ إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ وَجْهِ } هذا إخبار عن نفقات المؤمنين الصادرة عن إيمانهم أنها لا تكون إلا لوجه الله تعالى ، لأن إيمانهم يمنعهم عن المقاصد الردية ويوجب لهم الإخلاص { وَمَا تُنْفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ } يوم القيامة تستوفون أجوركم { وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ } أي : تنقصون من أعمالكم شيئاً ولا مثقال ذرة ، كما لا يزاد في سيئاتكم . ثم ذكر مصرف النفقات الذين هم أولى الناس بها فوصفهم بست صفات أحدها الفقر ، والثاني قوله : { أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } أي : قصروها على طاعة الله من جهاد وغيره ، فهم مستعدون لذلك محبوسون له ، الثالث عجزهم عن الأسفار لطلب الرزق فقال : { لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي ٱلأَرْضِ } أي : سفراً للتكسب ، الرابع قوله : { يَحْسَبُهُمُ ٱلْجَاهِلُ أَغْنِيَآءَ مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ } وهذا بيان لصدق صبرهم وحسن تعففهم . الخامس : أنه قال : { تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ } أي : بالعلامة التي ذكرها الله في وصفهم ، وهذا لا ينافي قوله : { يَحْسَبُهُمُ ٱلْجَاهِلُ أَغْنِيَآءَ } فإن الجاهل بحالهم ليس له فطنة يتفرس بها ما هم عليه ، وأما الفطن المتفرس فمجرد ما يراهم يعرفهم بعلامتهم ، السادس قوله : { لاَ يَسْأَلُونَ ٱلنَّاسَ إِلْحَافاً } أي : لا يسألونهم سؤال إلحاف ، أي : إلحاح ، بل إن صدر منهم سؤال إذا احتاجوا لذلك لم يلحوا على من سألوا ، فهؤلاء أولى الناس وأحقهم بالصدقات لما وصفهم به من جميل الصفات ، وأما النفقة من حيث هي على أي شخص كان ، فهي خير وإحسان وبر يثاب عليها صاحبها ويؤجر ، فلهذا قال : { وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } . ثم ذكر حالة المتصدقين في جميع الأوقات على جميع الأحوال فقال : { ٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } [ البقرة : 262 ] أي : طاعته وطريق مرضاته ، لا في المحرمات والمكروهات وشهوات أنفسهم { بِٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ } أي : أجر عظيم من خير عند الرب الرحيم { وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } إذا خاف المقصرون { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } إذا حزن المفرطون ، ففازوا بحصول المقصود المطلوب ، ونجوا من الشرور والمرهوب ، ولما كمل تعالى حالة المحسنين إلى عباده بأنواع النفقات ذكر حالة الظالمين المسيئين إليهم غاية الإساءة فقال : { ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ ٱلرِّبَٰواْ لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ ٱلَّذِي يَتَخَبَّطُهُ ٱلشَّيْطَانُ مِنَ … } .