Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 29-29)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً } أي : خلق لكم براً بكم ورحمة ، جميع ما على الأرض ، للانتفاع والاستمتاع والاعتبار . وفي هذه الآية العظيمة دليل على أن الأصل في الأشياء الإباحة والطهارة ، لأنها سيقت في معرض الامتنان ، يخرج بذلك الخبائث ، فإن [ تحريمها أيضاً ] يؤخذ من فحوى الآية ، ومعرفة المقصود منها ، وأنه خلقها لنفعنا ، فما فيه ضرر فهو خارج من ذلك ، ومن تمام نعمته منعنا من الخبائث تنزيها لنا . وقوله : { ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَسَوَّٰهُنَّ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } . { ٱسْتَوَىٰ } ترد في القرآن على ثلاثة معاني : فتارة لا تعدى بالحرف ، فيكون معناها الكمال والتمام ، كما في قوله عن موسى : { وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَٱسْتَوَىٰ } [ القصص : 14 ] وتارة تكون بمعنى " علا " و " ارتفع " ، وذلك إذا عديت بـ " على " كما في قوله تعالى : { ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } ، [ الأعراف : 54 ] { لِتَسْتَوُواْ عَلَىٰ ظُهُورِهِ } [ الزخرف : 13 ] وتارة تكون بمعنى " قصد " كما إذا عديت بـ " إلى " كما في هذه الآية ، أي : لما خلق تعالى الأرض قصد إلى خلق السماوات { فَسَوَّٰهُنَّ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ } فخلقها وأحكمها وأتقنها ، { وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } فـ { يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا } [ سبأ : 2 ] ، و { يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ } [ النحل : 19 ] يعلم السرّ وأخفى . وكثيرا ما يقرن بين خلقه للخلق وإثبات علمه كما في هذه الآية ، وكما في قوله تعالى : { أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلْخَبِيرُ } [ الملك : 14 ] لأن خلقه للمخلوقات أدل دليل على علمه ، وحكمته ، وقدرته .