Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 35-36)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما خلق الله آدم وفضله ، أتم نعمته عليه بأن خلق منه زوجةً ليسكن إليها ويستأنس بها ، وأمرهما بسكنى الجنة ، والأكل منها { رَغَداً } أي : واسعاً هنيئاً ، { حَيْثُ شِئْتُمَا } أي : من أيِّ أصناف الثمار والفواكه ، وقال الله له : { إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَىٰ * وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا وَلاَ تَضْحَىٰ } [ طه : 118 - 119 ] . { وَلاَ تَقْرَبَا هَـٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ } نوع من أنواع شجر الجنة الله أعلم بها ، وإنما نهاهما عنها امتحاناً وابتلاء [ أو لحكمة غير معلومة لنا ] { فَتَكُونَا مِنَ ٱلْظَّٰلِمِينَ } دل على أن النهي للتحريم ، لأنه رتب عليه الظلم . فلم يزل عدوهما يوسوس لهما ويزين لهما تناول ما نهيا عنه ، حتى أزلّهما ، أي : حملهما على الزلل بتزيينه . { وَقَاسَمَهُمَآ } بالله { إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّاصِحِينَ } [ الأعراف : 21 ] فاغتَّرا به وأطاعاه ، فأخرجهما مما كانا فيه من النعيم والرغد ، وأهبطوا إلى دار التعب والنصب والمجاهدة . { بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ } أي : آدم وذريته أعداء لإبليس وذريته ، ومن المعلوم أن العدو يجدّ ويجتهد في ضرر عدوه وإيصال الشرّ إليه بكل طريق ، وحرمانه الخير بكل طريق ، ففي ضمن هذا تحذير بني آدم من الشيطان ، كما قال تعالى { إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَٱتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُواْ حِزْبَهُ لِيَكُونُواْ مِنْ أَصْحَابِ ٱلسَّعِيرِ } [ فاطر : 6 ] { أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً } [ الكهف : 50 ] . ثم ذكر منتهى الإهباط إلى الأرض ، فقال : { وَلَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ } أي : مسكن وقرار ، { وَمَتَٰعٌ إِلَىٰ حِينٍ } انقضاء آجالكم ، ثم تنتقلون منها للدار التي خلقتم لها ، وخلقت لكم ، ففيها أن مدة هذه الحياة مؤقتة عارضة ، ليست مسكناً حقيقياً ، وإنما هي معبر يتزود منها لتلك الدار ، ولا تعمر للاستقرار .