Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 80-82)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ذكر أفعالهم القبيحة ، ثم ذكر مع هذا أنهم يزكون أنفسهم ، ويشهدون لها بالنجاة من عذاب الله والفوز بثوابه ، وأنهم لن تمسهم النار إلا أياماً معدودة ، أي : قليلة تعد بالأصابع ، فجمعوا بين الإساءة والأمن . ولما كان هذا مجرد دعوى ، رد الله تعالى عليهم فقال : { قُلْ } لهم يا أيها الرسول { أَتَّخَذْتُمْ عِندَ ٱللَّهِ عَهْداً } أي : بالإيمان به وبرسله وبطاعته ، فهذا الوعد الموجب لنجاة صاحبه الذي لا يتغير ولا يتبدل . { أَمْ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } ؟ فأخبر تعالى أن صدق دعواهم متوقفة على أحد هذين الأمرين اللذين لا ثالث لهما : إما أن يكونوا قد اتخذوا عند الله عهداً ، فتكون دعواهم صحيحة . وإما أن يكونوا متقوِّلين عليه فتكون كاذبة ، فيكون أبلغ لخزيهم وعذابهم ، وقد علم من حالهم أنهم لم يتخذوا عند الله عهداً لتكذيبهم كثيراً من الأنبياء ، حتى وصلت بهم الحال إلى أن قتلوا طائفة منهم ، ولِنُكولهم عن طاعة الله ونقضهم المواثيق ، فتعين بذلك أنهم متقولون مختلقون ، قائلون عليه ما لا يعلمون ، والقول عليه بلا علم من أعظم المحرمات وأشنع القبيحات . ثم ذكر تعالى حكماً عاماً لكل أحد ، يدخل به بنو إسرائيل وغيرهم ، وهو الحكم الذي لا حكم غيره ، لا أمانيهم ودعاويهم بصفة الهالكين والناجين ، فقال : { بَلَىٰ } أي : ليس الأمر كما ذكرتم ، فإنه قول لا حقيقة له ، ولكن { مَن كَسَبَ سَيِّئَةً } وهو نكرة في سياق الشرط ، فيعم الشرك فما دونه ، والمراد به هنا الشرك ، بدليل قوله : { وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـۤئَتُهُ } أي : أحاطت بعاملها ، فلم تدع له منفذاً ، وهذا لا يكون إلا الشرك ، فإن من معه الإيمان لا تحيط به خطيئته . { فَأُوْلَـۤئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } وقد احتج بها الخوارج على كفر صاحب المعصية ، وهي حجة عليهم كما ترى ، فإنها ظاهرة في الشرك ، وهكذا كل مبطل يحتج بآية أو حديث صحيح على قوله الباطل ، فلا بد أن يكون فيما احتج به حجة عليه . { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ } بالله وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } ولا تكون الأعمال صالحة إلا بشرطين : أن تكون خالصة لوجه الله ، متبعاً بها سنة رسوله . فحاصل هاتين الآيتين أن أهل النجاة والفوز هم أهل الإيمان والعمل الصالح ، والهالكون أهل النار المشركون بالله ، الكافرون به .