Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 17-23)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لما بيّن الله لموسى أصل الإيمان ، أراد أن يبين له ويريه من آياته ما يطمئن به قلبه ، وتقر به عينه ، ويقوي إيمانه ، بتأييد الله له على عدوه فقال : { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يٰمُوسَىٰ } هذا ، مع علمه تعالى ، ولكن لزيادة الاهتمام في هذا الموضع ، أخرج الكلام بطريق الاستفهام ، فقال موسى : { هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي } ذكر فيها هاتين المنفعتين ، منفعة لجنس الآدمي ، وهو أنه يعتمد عليها في قيامه ومشيه ، فيحصل فيها معونة . ومنفعة للبهائم ، وهو أنه كان يرعى الغنم ، فإذا رعاها في شجر الخبط ونحوه ، هش بها ، أي : ضرب الشجر ، ليتساقط ورقه ، فيرعاه الغنم . هذا الخلق الحسن من موسى عليه السلام ، الذي من آثاره ، حسن رعاية الحيوان البهيم ، والإحسان إليه دلّ على عناية من الله له واصطفاء ، وتخصيص تقتضيه رحمة الله وحكمته . { وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ } أي : مقاصد { أُخْرَىٰ } غير هذين الأمرين . ومن أدب موسى عليه السلام ، أن الله لما سأله عما في يمينه ، وكان السؤال محتملاً عن السؤال عن عينها ، أو منفعتها أجابه بعينها ، ومنفعتها فقال الله له : { أَلْقِهَا يٰمُوسَىٰ * فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَىٰ } انقلبت بإذن الله ثعباناً عظيماً ، فولى موسى هارباً خائفاً ، ولم يعقب وفي وصفها بأنها تسعى ، إزالة لوهم يمكن وجوده ، وهو أن يظن أنها تخييل لا حقيقة ، فكونها تسعى يزيل هذا الوهم . فقال الله لموسى : { خُذْهَا وَلاَ تَخَفْ } أي : ليس عليك منها بأس . { سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا ٱلأُولَىٰ } أي : هيئتها وصفتها ، إذ كانت عصاً ، فامتثل موسى أمر الله إيماناً به وتسليماً ، فأخذها ، فعادت عصاه التي كان يعرفها هذه - آية ، ثم ذكر الآية الأخرى ، فقال : { وَٱضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ } أي : أدخل يدك في جيبك ، وضم عليك عضدك ، الذي هو جناح الإنسان { تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ } أي : بياضاً ساطعاً ، من غير عيب ولا برص { آيَةً أُخْرَىٰ } . قال الله : { فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ } [ القصص : 32 ] . { لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا ٱلْكُبْرَىٰ } أي : فعلنا ما ذكرنا ، من انقلاب العصا حية تسعى ، ومن خروج اليد بيضاء للناظرين ، لأجل أن نريك من آياتنا الكبرى ، الدالة على صحة رسالتك وحقيقة ما جئت به ، فيطمئن قلبك ويزداد علمك ، وتثق بوعد الله لك بالحفظ والنصرة ، ولتكون حجة وبرهانا لمن أرسلت إليهم .